معاني القرآن، ج ١، ص : ٣١٦
فقد يكون رفع الكثير من جهتين إحداهما أن تكرّ «١» الفعل عليها تريد : عمى وصمّ كثير منهم، وإن شئت جعلت عَمُوا وَصَمُّوا فعلا للكثير كما قال الشاعر «٢» :
يلوموننى فى اشترائى النخي ل أهلى فكلّهم ألوم
و هذا لمن قال : قاموا قومك. وإن شئت جعلت الكثير مصدرا فقلت أي ذلك كثير منهم «٣»، وهذا وجه ثالث. ولو نصبت «٤» على هذا المعنى كان صوابا. ومثله قول الشاعر «٥».
وسوّد ماء المرد فاها فلونه كلون النؤور وهى أدماء سارها
و مثله قول اللّه تبارك وتعالى :«وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا» «٦» إن شئت جعلت (وأسرّوا) فعلا لقوله «لاهية قلوبهم وأسرّوا النجوى» ثم تستأنف (الذين)

(١) يريد أن يكون بدلا من الفاعل فى (عموا وصموا).
(٢) هو أحيحة بن الجلاح. وكان قومه لاموه فى اشتراء النخل. وقوله :«اشترائى» كذا فى ش، ج. ويروى :«اشتراء» وقوله :«ألوم» هكذا فى ش، ج. ورواية البيت هكذا لم يلاحظ فيها الشعر الذي هذا البيت منه. وإلا فهو فيه :«يعذل» فإن قافيته لامية. وبعده :
و أهل الذي باع يلحونه كما لحى البائع الأول
[.....]
(٣) فيكون «كثير» خبر مبتدأ محذوف هو «ذلك» وهو العمى والصم. وبقدّره بعضهم :
«العمى والصم».
(٤) وبه قرأ ابن أبى عبلة كما فى البحر ٣/ ٥٣٤.
(٥) هو أبو ذؤيب الهذلىّ. والبيت فى وصف ظبية. والمرد : الغض من ثمر الأراك، والنئور :
النيلج، وهو دخان الشحم، يعالج به الوشم فيخضر. وسارها أي سائرها. والأدماء من الأدمة، وهى فى الظباء لون مشرب بياضا.
(٦) آية ٣ سورة الأنبياء.


الصفحة التالية
Icon