معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٢
تظهرها فتقول : لا تجزى فيه نفس عن نفس شيئا. وكان الكسائىّ لا يجيز إضمار الصفة فى الصلات ويقول : لو أجزت إضمار الصفة هاهنا لأجزت : أنت الذي تكلمت وأنا أريد الذي تكلمت فيه. وقال غيره من أهل البصرة : لا نجيز الهاء ولا تكون، وإنما يضمر فى مثل هذا الموضع الصفة. وقد أنشدنى بعض العرب :
يا ربّ يوم لو تنزّاه «١» حول ألفيتنى ذا عنز وذا طول
و أنشدنى آخر :
قد صبّحت «٢» صبّحها السّلام بكبد خالطها سنام
فى ساعة يحبّها الطّعام ولم يقل يحبّ فيها. وليس يدخل على الكسائىّ ما أدخل على نفسه لأن الصفة فى هذا الموضع والهاء متّفق معناهما، ألا ترى أنك تقول : آتيك يوم الخميس، وفى يوم الخميس، فترى المعنى واحدا، وإذا قلت : كلمتك كان غير كلّمت فيك، فلما اختلف المعنى لم يجز إضمار الهاء مكان «فِي» ولا إضمار «فِي» مكان الهاء.
وقوله : وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ... «٣» (٤١)
فوحّد الكافر وقبله جمع وذلك من كلام العرب فصيح جيد فى الاسم إذا كان مشتقّا من فعل، مثل الفاعل والمفعول يراد به ولا تكونوا أوّل من يكفر فتحذف «من» ويقوم الفعل مقامها فيؤدّى الفعل عن مثل

(١) فى ج، ش :«تذراه» ولم نعثر على هذا البيت فيما لدينا من مراجع.
(٢) صبحت أنت بالتصبيح يريد به الغداء مجازا، من قولهم : صبح القوم وصبحهم سقاهم الصبوح، وهو ما يشرب صباحا من لبن أو خمر.
(٣) هذه الآية ليست على الترتيب وكذا ما بعدها.


الصفحة التالية
Icon