معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٢٢
و قوله : ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ... (١٠٣)
قد اختلف فى السائبة. فقيل : كان الرجل يسيّب من ماله ما شاء، يذهب به إلى الذين يقومون على خدمة آلهتهم. قال بعضهم : السائبة إذا ولدت الناقة عشرة «١» أبطن كلهنّ «٢» إناث سيّبت فلم تركب ولم يجزّ لها وبر، ولم يشرب لبنها إلا ولدها أو ضيف حتى تموت، فإذا ماتت أكلها الرجال والنساء وبحرت أذن ابن «٣» ابنتها - يريد : خرقت - فالبحيرة ابنة السائبة، وهى بمنزلة أمّها. وأمّا الوصيلة فمن الشاء. إذا ولدت الشاة سبعة أبطن عناقين عناقين «٤» فولدت فى سابعها عناقا وجديا قيل : وصلت أخاها، فلا يشرب لبنها النساء وكان للرجال، وجرت مجرى السائبة.
وأما الحامى فالفحل من الإبل كان إذا لقح ولد ولده حمى ظهره، فلا يركب ولا يجزّ له وبر، ولا يمنع من مرعى، وأىّ إبل ضرب فيها لم يمنع.
فقال اللّه تبارك وتعالى ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ هذا أنتم جعلتموه كذلك.
قال اللّه تبارك وتعالى وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ.
وقوله : عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ... (١٠٥)
هذا أمر من اللّه عزّ وجلّ كقولك : عليكم «٥» أنفسكم. والعرب تأمر من الصفات «٦» بغليك، وعندك، ودونك، وإليك. يقولون : إليك إليك، يريدون : تأخّر

(١) كذا فى ج. وفى ش :«عشر».
(٢) كذا فى ج. وفى ش :«كلهم».
(٣) كذا. وكأن الصواب حذف هذا اللفظ، كما يعلم مما بعد.
(٤) العناق : الأنثى من ولد المعز.
(٥) ثبت فى ج، وسقط فى ش.
(٦) يريد الظروف وحروف الجرّ.


الصفحة التالية
Icon