معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٥٢
و قوله : وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ (١١٦) فى أكل الميتة يُضِلُّوكَ لأن أكثرهم كانوا ضلّالا. وذلك أنهم قالوا للمسلمين : أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل ربّكم! فأنزلت هذه الآية وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ.
وقوله : هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ (١١٧) (من) فى موضع «١» رفع كقوله : لِنَعْلَمَ «٢» أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى إذا كانت (من) بعد العلم والنظر والدراية - مثل نظرت وعلمت ودريت - كانت فى مذهب أىّ. فإن كان بعدها فعل لها رفعتها به، وإن كان بعدها فعل يقع عليها نصبتها «٣» كقولك :
ما أدرى من قام، ترفع (من) بقام، وما أدرى من ضربت، تنصبها بضربت.
وقوله : وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ (١٢٠) فأما ظاهره فالفجور والزنى، وأما باطنه فالمخالّة :«٤» أن تتخذ المرأة الخليل وأن يتخذها.
وقوله : وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ (١٢١) يقول : أكلكم ما لم يذكر اسم اللّه عليه فسق أي كفر. وكنى عن الأكل، كما قال :
فَزادَهُمْ «٥» إِيماناً يريد : فزادهم قول الناس إيمانا.

(١) على أنه اسم استفهام، فهو مبتدأ، وخبره جملة «يضل». وجملة المبتدأ والخبر فى محل نصب علق عنه العامل. وهذا مبنى على جواز عمل اسم التفضيل فى المفعول به. وهو مذهب كوفى.
والبصريون يأبونه، ويجعلون «من» معمولا لفعل محذوف، تقديره :«يعلم».
(٢) آية ١٢ سورة الكهف.
(٣) كذا فى ش. وفى ج :«نصبها».
(٤) كذا فى ج. وفى ش :«فالمخالفة».
(٥) آية ١٧٣ سورة آل عمران. يريد أن الضمير فى قوله :«و إنه لفسق». عائد على الأكل المفهوم من قوله :«و لا تأكلوا» كما فى آية آل عمران هذه، فإن الضمير المستتر فى «فزادهم» يعود على الفول المفهوم من قوله :«قال لهم الناس».


الصفحة التالية
Icon