معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٦
و قوله : فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ
(٥٠) يقال : قد كانوا فى شغل من أن ينظروا، مستورين بما اكتنفهم من البحر أن يروا فرعون وغرفة، ولكنّه فى الكلام كقولك : قد ضربت وأهلك ينظرون فما أتوك ولا أغاثوك يقول : فهم قريب بمرأى ومسمع. ومثله فى القرآن :«أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ» «١»، وليس هاهنا رؤية إنّما هو علم، فرأيت يكون على مذهبين : رؤية العلم ورؤية العين كما تقول : رأيت فرعون أعتى الخلق وأخبثه، ولم تره إنما هو بلغك «٢» ففى هذا بيان.
وقوله :«وَ إِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً... (٥١)
ثم «٣»
قال فى موضع آخر :«وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ «٤» فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً»، فيقول القائل : كيف ذكر الثلاثين وأتمّها بالعشر «٥» والأربعون «٦» قد تكمل بعشرين وعشرين، أو خمسة وعشرين وخمسة عشر؟ قيل :
كان ذلك - واللّه أعلم - أنّ الثّلاثين كانت عدد شهر، فذكرت الثلاثون منفصلة لمكان الشّهر وأنّها ذو القعدة وأتممناها بعشر من ذى الحجة، كذلك قال المفسّرون.
ولهذه القصّة خصّت العشر والثلاثون بالانفصال.
وقوله : وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣)

(١) آية ٤٥ سورة الفرقان.
(٢) العبارة فى ج، ش :«و لم تره ونظرت. هذا بيان» ووجد بهامش نسخة أبعد قوله : بلغك «و نظرت إلى... ولم تأت إنما هو العلم». وفى موضع النقط كلمة غير واضحة، قد تكون : منزلك.
(٣) فى أ: «و».
(٤) آية ١٤٢ سورة الأعراف.
(٥) فى أ: «بعشر».
(٦) فى ش، ج :«أربعون». [.....]


الصفحة التالية
Icon