معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٧
ففيه وجهان :
أحدهما - أن يكون أراد وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ يعنى التوراة، ومحمدا صلى اللّه عليه وسلّم الْفُرْقانَ، لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. وقوله :«وَ إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ» كأنّه خاطبهم فقال : قد آتيناكم علم موسى ومحمد عليهما السلام «لعلكم تهتدون» لأن التوراة أنزلت جملة ولم تنزل مفرّقة كما فرّق القرآن فهذا وجه.
والوجه الآخر - أن تجعل التوراة هدى والفرقان كمثله، فيكون : ولقد آتينا موسى الهدى كما آتينا محمّدا صلى اللّه عليه وسلّم الهدى. وكلّ ما جاءت به الأنبياء فهو هدى ونور. «١» وإنّ العرب لتجمع بين الحرفين وإنّهما لواحد إذا اختلف لفظاهما «٢» كما قال عدىّ بن زيد :
و قدّمت «٣» الأديم لراهشيه وألفى قولها كذبا ومينا
و قولهم «٤» : بعدا وسحقا، والبعد والسّحق واحد، فهذا وجه آخر. وقال بعض المفسّرين : الكتاب التّوراة، والفرقان انفراق البحر لبنى إسرائيل. وقال بعضهم :
الفرقان الحلال والحرام الذي فى التّوراة.
وقوله : الْمَنَّ وَالسَّلْوى... (٥٧)
بلغنا أن المنّ هذا «٥» هذا الّذى يسقط على الثّمام «٦» والعشر، وهو حلو كالعسل وكان بعض المفسّرين يسمّيه التّرنجبين «٧» الذي نعرف. وبلغنا أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلّم

(١) يبدو أن هنا سقطا، وأن الأصل كما يؤخذ من إعراب القرآن للنخاس :«و يجوز أن يكون الفرقان هو الكتاب، أعيد ذكره تأكيدا» وانظر القرطبي ١/ ٣٩٩.
(٢) فى ش، ج : لفظهما».
(٣) كذا فى الأصول. والرواية المشهورة «و قددت» بمعنى شقت وقطعت، والراهشان عرقان فى باطن الذراعين.
(٤) فى أ: «قوله».
(٥) سقط فى أ.
(٦) الثمام : نبت ضعيف له خوص أو شبيه بالخوص. والعشر : شجر من العضاه كبار الشجر وله صمغ حلو.
(٧) الترنجبين : تأويله عسل الندى، وهو طلى يقع من السماء ندى شبيه بالعسل جامد متحبب يقع على بعض الأشجار بالشام وخراسان.


الصفحة التالية
Icon