معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٨
قال :(الكمأة «١» من المنّ وماؤها شفاء للعين). وأما السّلوى فطائر كان يسقط عليهم لما أجموا «٢» المنّ شبيه بهذه السّمانى، ولا واحد للسّلوى.
وقوله : وَقُولُوا حِطَّةٌ... (٥٨)
يقول - واللّه أعلم - قولوا : ما أمرتم به أي هى حطة فحالفوا إلى كلام بالنّبطية، فذلك قوله : فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ.
وبلغني أنّ ابن عباس قال : أمروا أن يقولوا : نستغفر اللّه فإن يك كذلك فينبغى أن تكون «حِطَّةٌ» منصوبة فى القراءة «٣» لأنك تقول : قلت لا إله إلا اللّه، فيقول القائل : قلت كلمة صالحة، وإنما تكون الحكاية إذا صلح قبلها إضمار ما يرفع أو يخفض أو ينصب، فإذا ضممت ذلك كله فجعلته كلمة كان منصوبا بالقول كقولك : مررت بزيد، ثم تجعل هذه كلمة فتقول : قلت كلاما حسنا ثم تقول :
قلت زيد قائم، فيقول : قلت كلاما «٤». وتقول : قد ضربت عمرا، فيقول أيضا :
قلت كلمة صالحة.
فأما قول اللّه تبارك وتعالى :«سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ» «٥» إلى آخر ما ذكر من العدد فهو رفع لأن قبله ضمير أسمائهم سيقولون : هم ثلاثة، إلى آخر الآية.
وقوله :«وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ» «٦» رفع أي قولوا : اللّه واحد، ولا تقولوا

(١) هذا الحديث رواه الشيخان وغيرهما. وانظر الجامع الصغير فى حرف الكاف.
(٢) أجم الطعام واللبن وغيرهما : كرهه ومله من المداومة عليه.
(٣) النصب على وجهين أحدهما - إعمال الفعل فيها وهو «قولوا» أي قولوا كلمة تحط عنكم أو زاركم. والثاني - أن تنسب على المصدر بمعنى الدعاء والمسألة أي حط اللهم أوزارنا وذنوبنا حطة. وبالنصب قرأ ابن أبى عبلة وطاوس اليماني. والقراءة العامة بالرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف أي مسئلتنا حطة، أو أمرك حطة قال النيسابورى : وأصله النصب، ومعناه اللهم حط عنا ذنوبنا فرفعت لإفادة الثبوت.
(٤) ما بين النجمتين ساقط من ج، ش.
(٥) آية ٢٢ سورة الكهف.
(٦) آية ١٧١ سورة النساء.


الصفحة التالية
Icon