معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٦٥
و قوله : ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ (١٥٤) تماما على المحسن. ويكون المحسن فى مذهب جمع كما قال : إِنَّ الْإِنْسانَ «١» لَفِي خُسْرٍ. وفى قراءة عبد اللّه تماما على الذين أحسنوا تصديقا لذلك.
وإن شئت جعلت (الذي) على معنى «٢» (ما) تريد : تماما على ما أحسن موسى، فيكون المعنى : تماما على إحسانه. ويكون (أحسن) مرفوعا «٣» تريد على الذي هو أحسن، وتنصب (أحسن) هاهنا تنوى بها «٤» الخفض لأن العرب تقول :
مررت بالذي هو خير منك، وشرّ منك، ولا يقولون : مررت بالذي قائم لأن (خيرا منك) كالمعرفة إذ لم تدخل فيه الألف واللام. وكذلك يقولون : مررت بالذي أخيك، وبالذي مثلك، إذا جعلوا صلة الذي معرفة أو نكرة لا تدخلها الألف واللام جعلوها تابعة للذى أنشدنى الكسائىّ :
إن الزّبيرىّ الذي مثل الحلم مشّى بأسلابك فى أهل العلم «٥»
و قوله : وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ (١٥٥) جعلت مباركا من نعت الكتاب فرفعته. ولو نصبته على الخروج «٦» من الهاء فى (أنزلناه) كان صوابا.

(١) آية ٢ سورة العصر.
(٢) يريد أن تكون مصدرية.
(٣) وبه قرأ يحيى بن يعمر وابن أبى إسحق كما فى القرطبي.
(٤) سقط فى ش. والخفض على أنه نعت للذى.
(٥) الحلم واحده حلمة، وهى الصغيرة من القردان أو دودة تقع فى الجلد فتأكله. يريد أن هذا الرجل الضعيف ابترك ثيابك وسلبك.
(٦) يريد أن يكون حالا.


الصفحة التالية
Icon