معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٨٠
يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ. وأصحاب الأعراف أقوام اعتدلت حسناتهم وسيئاتهم فقصّرت بهم الحسنات عن الجنّة، ولم تبلغ بهم سيئاتهم النار، كانوا موقوفين ثم أدخلهم اللّه الجنة بفضل رحمته.
وقوله : وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً (٥٢) تنصب الهدى والرحمة على القطع من الهاء فى فصّلناه. وقد تنصبهما على الفعل «١». ولو خفضته على الإتباع للكتاب كان صوابا كما قال اللّه تبارك وتعالى :
وَ هذا «٢» كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فجعله رفعا بإتباعه للكتاب.
وقوله : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ (٥٣) الهاء فى تأويله للكتاب. يريد عاقبته وما وعد اللّه فيه.
وقوله : فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ ليس بمعطوف على (فيشفعوا)، إنما المعنى - واللّه أعلم - : أو هل نردّ فنعمل غير الذي كنا نعمل.
ولو نصبت (نردّ) على أن تجعل (أو) بمنزلة حتّى، كأنه قال : فيشفعوا لنا أبدا حتى نرد فنعمل «٣»، ولا نعلم قارئا «٤» قرأ به.
وقوله : إِنَّ رَحْمَتَاللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
(٥٦) ذكرت قريبا لأنه ليس بقرابة فى النسب. قال : ورأيت العرب تؤنث القريبة فى النسب لا يختلفون فيها، فإذا قالوا : دارك منّا قريب، أو فلانة منك قريب

(١) كأنه يريد نصبه على أنه مفعول مطلق. أي هدينا به هدى ورحمنا به رحمة. [.....]
(٢) آية ٩٢ سورة الأنعام.
(٣) جواب لو محذوف، أي لجاز.
(٤) قرأ به ابن أبى إسحق، كما فى مختصر البديع ٤٤.


الصفحة التالية
Icon