معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٨١
فى القرب والبعد ذكّروا وأنّثوا. وذلك أن القريب فى المعنى وإن كان مرفوعا فكأنه فى تأويل : هى من مكان قريب. فجعل القريب خلفا من المكان كما قال اللّه تبارك وتعالى : وَما «١» هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ وقال : وَما «٢» يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ولو أنّث ذلك فبنى على بعدت منك فهى بعيدة وقربت فهى قريبة كان صوابا حسنا. وقال عروة «٣» :
عشيّة لا عفراء منك قريبة فتدنو ولا عفراء منك بعيد
و من قال بالرفع وذكّر لم يجمع قريبا [ولم ] «٤» يثنّه. ومن قال : إنّ عفراء منك قريبة أو بعيدة ثنّى وجمع.
وقوله : وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ نشرا (٥٧) والنشر من الرياح : الطيبة اللينة التي تنشئ السحاب. فقرأ بذلك أصحاب عبد اللّه. وقرأ غيرهم (بُشْراً) حدّثنا محمد قال حدّثنا الفرّاء قال حدثنى قيس بن الربيع الأسدىّ عن أبى إسحاق «٥» الهمداني عن أبى «٦» عبد الرحمن السلمىّ عن علىّ أنه قرأ (بشرا) يريد بشيرة، و(بشرا) كقول اللّه تبارك وتعالى :(يُرْسِلَ الرِّياحَ «٧» مُبَشِّراتٍ).
(٢) آية ٦٣ سورة الأحزاب.
(٣) هو عروة بن حزام العذرى. والبيت ورد فى اللآلى ٤٠١ مع بيت آخر هكذا :
عشية لا عفراء منك بعيدة فتسلو ولا عفراء منك قريب
و إنى لتغشانى لذكراك فترة لها بين جلدى والعظام دبيب
و يرى أن ما أورده المؤلف رواية فى البيت غير ما ورد فى اللآلى. وفى الأغانى (الساسى) ٢٠/ ١٥٦ ستة أبيات على روى الباء يترجح أن تكون من قصيدة بيت الشاهد على ما روى فى اللآلى.
(٤) سقط ما بين القوسين فى ش، ج. والسياق يقتضيه.
(٥) هو عمرو بن عبد اللّه السبيعىّ أحد أعلام النابعين، توفى سنة ١٢٧
(٦) هو عبد اللّه بن حبيب المقري الكوفىّ، من ثقات التابعين، مات سنة ٨٥.
(٧) آية ٤٦ سورة الروم.