معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٨٤
ثم قال : وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ فالوجه هاهنا الرفع لأن الجبال لا تتبع النبات ولا الثمار. ولو نصبتها على إضمار : جعلنا لكم (من الجبال جددا بيضا) كما قال اللّه تبارك وتعالى : خَتَمَ «١» اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ أضمر لها جعل إذا نصبت كما قال : وَخَتَمَ «٢» عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً والرفع فى غشاوة الوجه. وقوله : وَمِنَ «٣» النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ ولم يقل :
ألوانهم، ولا ألوانها. وذلك لمكان (من) والعرب تضمر من فتكتفى بمن من من، فيقولون : منا من يقول ذلك ومنا لا يقوله. ولو جمع على التأويل كان صوابا مثل قول ذى الرمّة :
فظلّوا ومنهم دمعه سابق له وآخر يثنى دمعة العين بالمهل «٤»
و قوله : وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً كان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم ستين ذراعا.
وقوله : وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (٦٨) يقول : قد كنت فيكم أمينا قبل أن أبعث. ويقال : أمين على الرسالة.
وقوله : فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ (٧٨) والرجفة هى الزلزلة. والصاعقة هى النار. يقال : أحرقتهم.
وقوله : فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ يقول : رمادا جاثما.
(٢) آية ٢٣ سورة الجاثية.
(٣) آية ٢٨ سورة فاطر.
(٤) المهل : التؤدة والسكينة. وفى الديوان ٤٨٥ :«بالهمل». وكأنها الصحيحة لقوله بعد :
و هل هملان العين راجع ما مضى من الوجد أو مدنيك يا ميّ من أهلى