معاني القرآن، ج ١، ص : ٤١٢
يصيبها الرفع وما قبلها مكسور، فينبغى لها أن تسكن فتسقط بواو الجمع. وربما أظهرت العرب الإدغام فى الجمع إرادة تأليف الأفعال وأن تكون كلها مشدّدة.
فقالوا فى حييت حيّوا، وفى عييت عيّوا أنشدنى بعضهم :
يحدن بنا عن كلّ حىّ كأننا أخاريس عيّوا بالسلام وبالنّسب «١»
يريد النّسب. وقال الآخر :
من الذين إذا قلنا : حديثكم عيّوا، وإن نحن حدّثناهم شغبوا «٢»
و قد اجتمعت العرب على إدغام التحيّة والتحيّات بحركة الياء الأخيرة فيها كما استحبّوا إدغام عىّ وحىّ بالحركة اللازمة فيها. وقد يستقيم أن تدغم الياء والياء فى يحيا ويعيا وهو أقل من الإدغام فى حىّ لأن يحيا يسكن ياؤها إذا كانت فى موضع رفع، فالحركة فيها ليست لازمة. وجواز ذلك أنك «٣» إذا نصبتها كقول اللّه تبارك وتعالى أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى «٤» استقام إدغامها هاهنا ثم نؤلّف الكلام، فيكون فى رفعه وجزمه بالإدغام فتقول (هو يحىّ ويميت) أنشدنى بعضهم :
و كأنها بين النساء سبيكة تمشى بسدّة بيتها فتعىّ «٥»
و كذلك يحيّان ويحيّون.

(١) كأنه يصف إبلا سافروا عليها وتجنبوا الأحياء فى طريقهم. وأخاريس كأنه جمع أخرس، جمعه على أفاعل وأشبع الكسرة فتولدت الياء، وقد ذهب به مذهب الاسم فجمعه هذا الجمع، ولو لا هذا لقال : خرس.
(٢) «قلنا : حديثكم» أي هاتوا حديثكم أو حدّثوا حديثكم. يرميهم بالعيّ والشغب.
(٣) سقط فى ش، ج. وثبت فى أ.
(٤) آية ٤٠ سورة القيامة.
(٥) سدة البيت : فناؤه. يصف امرأة أنها منعمة يثقل عليها المشي، فلو مشت بفناء بيتها لحقها الإعباء والكلال.


الصفحة التالية
Icon