معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٢٦
و قوله : قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ (١٤) ثم جزم ثلاثة أفاعيل بعده يجوز فى كلهن النصب والجزم والرفع.
ورفع قوله : وَيَتُوبُ اللَّهُ لأن معناه ليس من شروط الجزاء إنما هو استئناف كقولك للرجل : ايتني أعطك، وأحبّك بعد، وأكرمك، استئناف ليس بشرط للجزاء. ومثله قول اللّه تبارك وتعالى : فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ «١» تمّ الجزاء هاهنا، ثمّ استأنف فقال : وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ.
وقوله : أَمْ حَسِبْتُمْ (١٦) من الاستفهام الذي يتوسّط فى الكلام فيجعل ب (أم) ليفرق بينه وبين الاستفهام المبتدأ الذي لم يتّصل بكلام. ولو أريد به الابتداء لكان إمّا بالألف وإما ب (هل) كقوله : هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ «٢» وأشباهه.
و قوله : وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً والوليجة : البطانة من المشركين يتّخذونهم فيفشون إليهم أسرارهم، ويعلمونهم أمورهم. فنهوا عن ذلك.
وقوله : ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ (١٧) وهو يعنى المسجد الحرام وحده. وقرأها مجاهد «٣» وعطاء بن أبى رباح :
(مسجد اللّه). وربما ذهبت العرب بالواحد إلى الجمع، وبالجمع إلى الواحد ألا ترى الرجل على البرذون فتقول : قد أخذت فى ركوب البراذين، وترى الرجل كثير الدراهم

(١) آية ٢٤ سورة الشورى. وقد رسم «يمح» دون واو فى المصحف مع نيتها، وقد دل على هذا قوله :«و يحق» بالرفع.
(٢) أوّل سورة الإنسان. [.....]
(٣) وقرأها كذلك أيضا ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب.


الصفحة التالية
Icon