معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٢٧
فتقول : إنه «١» لكثير الدرهم. فأدّى الجماع عن الواحد، والواحد عن الجمع. وكذلك قول العرب : عليه أخلاق نعلين وأخلاق ثوب أنشدنى أبو الجرّاح العقيلىّ :
جاء الشتاء وقميصى أخلاق شراذم يضحك منه التوّاق «٢»
و قوله : أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ (١٩) ولم يقل : سقاة الحاجّ وعامرى... كمن آمن، فهذا مثل قوله : وَلكِنَّ «٣» الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ يكون المصدر يكفى من الأسماء، والأسماء من المصدر إذا كان المعنى مستدلّا عليه بهما أنشدنى الكسائىّ :
لعمرك ما الفتيان أن تنبت اللحى ولكنما الفتيان كلّ فتى ندى
فجعل خبر الفتيان (أن). وهو كما تقول : إنما السخاء حاتم، وإنما الشعر زهير.
وقوله : الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا (٢٠) ثم قال : أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ فموضع الذين رفع بقوله :«أعظم درجة». ولو لم يكن فيه (أعظم) جاز أن يكون مردودا بالخفض على قوله (كمن آمن). والعرب تردّ الاسم إذا كان معرفة على (من) يريدون التكرير «٤». ولا يكون نعتا لأن (من) قد تكون معرفة، ونكرة، ومجهولة، ولا تكون نعتا كما أن (الذي) قد يكون نعتا
(٢) ثوب أخلاق : بال. والتوّاق : ابن الراجز. ويروى النوّاق بالنون. وانظر اللسان (توق) والخزانة فى الشاهد الرابع والثلاثين.
(٣) آية ١٧٧ سورة البقرة.
(٤) أي أن يكون بدلا من «من».