معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٢٨
للأسماء فتقول : مررت بأخيك الذي قام، ولا تقول : مررت بأخيك من قام.
فلمّا لم تكن نعتا لغيرها من المعرفة لم تكن المعرفة نعتا لها كقول الشاعر «١» :
لسنا كمن جعلت إياد دارها تكريت تنظر حبّها أن تحصدا
إنما أراد تكرير الكاف على إياد كأنه قال : لسنا كإياد.
وقوله : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ (٢٥) نصبت المواطن لأن كلّ جمع كانت فيه ألف قبلها حرفان وبعدها حرفان فهو لا يجرى «٢» مثل صوامع، ومساجد، وقناديل، وتماثيل، ومحاريب. وهذه الياء بعد الألف لا يعتدّ بها لأنها قد تدخل فيما ليست هى منه، وتخرج ممّا هى منه، فلم يعتدّوا بها «٣» إذ لم تثبت كما ثبت غيرها. وإنما منعهم من إجرائه أنه مثال لم يأت عليه شىء من الأسماء المفردة، وأنه غاية للجماع إذا انتهى الجماع إليه فينبغى له ألّا يجمع. فذلك أيضا منعه من الانصراف ألا ترى أنك لا تقول : دراهمات، ولا دنانيرات، ولا مساجدات. وربّما اضطرّ إليه الشاعر فجمعه. وليس يوجد فى الكلام ما يجوز فى الشعر. قال الشاعر :
فهنّ يجمعن حدائداتها «٤» فهذا من المرفوض إلا فى الشعر.
ونعت (المواطن) إذا لم يكن معتلّا جرى. فلذلك قال :(كثيرة).

(١) هو الأعشى. وإياد قبيلة كبيرة من معدّ كانوا نزلوا العراق واشتغلوا بالزرع. وتكريت : بلدة بين بغداد والموصل. وقوله :«تحصدا» المعروف : يحصدا. والحب جنس للحبة يصح تذكيره وتأنيثه. وانظر الخصائص (الدار) ج ٢ ص ٤٠٢.
(٢) إجراء الاسم عند الكوفيين صرفه وتنوينه، وعدم إجرائه منع صرفه.
(٣) فى ا :«إذا».
(٤) فى القرطبي :
فهنّ يعلكن حدائداتها
و نسبه فى اللسان (حدد) إلى الأحمر. وهو فى وصف الخيل.


الصفحة التالية
Icon