معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٣٥
و قوله : مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ (٣٦) جاء التفسير : فى الاثني عشر. وجاء (فيهن) : فى الأشهر الحرم وهو أشبه بالصواب - واللّه أعلم - ليتبين بالنهى فيها عظم حرمتها كما قال : حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ «١» ثم قال : وَالصَّلاةِ الْوُسْطى فعظّمت، ولم يرخص فى غيرها بترك المحافظة. ويدلّك على أنه للأربعة - واللّه أعلم - قوله :(فيهن) ولم يقل (فيها). وكذلك كلام العرب لما بين الثلاثة إلى العشرة تقول : لثلاث ليال خلون، وثلاثة أيام خلون إلى العشرة، فإذا جزت العشرة قالوا : خلت، ومضت. ويقولون لما بين الثلاثة إلى العشرة (هنّ) و(هؤلاء) فإذا جزت العشرة قالوا (هى، وهذه) إرادة أن تعرف سمة القليل من الكثير. ويجوز فى كل واحد ما جاز فى صاحبه أنشدنى أبو القمقام الفقعسىّ :
أصبحن فى قرح وفى دارتها سبع ليال غير معلوفاتها «٢»
و لم يقل : معلوفاتهن وهى سبع، وكل ذلك صواب، إلا أن المؤثر ما فسّرت لك.
ومثله : وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ «٣» فذكّر الفعل لقلّة النسوة ووقوع (هؤلاء) عليهن كما يقع على الرجال. ومنه قوله : فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ «٤» ولم يقل : انسلخت، وكلّ صواب. وقال اللّه تبارك وتعالى : إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ «٥» لقلّتهن ولم يقل (تلك) ولو قيلت كان صوابا.

(١) آية ٢٣٨ سورة البقرة.
(٢) قرح : سوق وادي القرى، وهو واد بين المدينة والشام. وقوله :«أصبحن» فى اللسان (قرح) :«حبسن».
(٣) آية ٣٠ سورة يوسف.
(٤) آية ٥ سورة التوبة.
(٥) آية ٣٦ سورة الإسراء.


الصفحة التالية
Icon