معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٥٤
و قوله : مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ (١١٧) وكاد تزيغ «١». [من ] «٢» قال : كادَ يَزِيغُ جعل فى (كاد يزيغ) اسما «٣» مثل الذي فى قوله : عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ «٤» وجعل (يزبغ) به ارتفعت القلوب مذكّرا كما قال اللّه تبارك وتعالى : لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها «٥» ولا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ «٦» ومن قال (تزيغ) جعل فعل القلوب مؤنّثا كما قال : نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا «٧» وهو وجه الكلام، ولم يقل (يطمئن) وكل فعل كان لجماع مذكر أو مؤنث فإن شئت أنّثت فعله إذا قدمته، وإن شئت ذكّرته.
وقوله : وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً
(١٢٠) يريد بالموطئ الأرض وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً فى ذهابهم ومجيئهم إلا كتب لهم.
وقوله : وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً (١٢٢) لمّا عيّر المسلمون بتخلفهم عن غزوة تبوك جعل النبي صلى اللّه عليه وسلم يبعث السريّة فينفرون جميعا، فيبقى النبي صلى اللّه عليه وسلم وحده، فأنزل اللّه تبارك وتعالى : وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً يعنى «٨» : جميعا ويتركوك وحدك.
ثم قال : فَلَوْ لا نَفَرَ معناه : فهلّا نفر مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ ليتفقّه الباقون الذين تخلّفوا ويحفظوا على قومهم ما نزل على النبي صلى اللّه عليه وسلم من القرآن.

(١) قراءة الياء لحفص وحمزة. وقراءة التاء للياقين.
(٢) زيادة خلت منها الأصول.
(٣) كأنه يريد : ضمير الشأن والحديث. وهذا تأويل البصريين.
(٤) آية ١١ سورة الحجرات.
(٥) آية ٣٧ سورة الحج.
(٦) آية ٥٢ سورة الأحزاب.
(٧) آية ١١٣ سورة المائدة.
(٨) كذا فى ش، ج. وفى ا :«يريد».


الصفحة التالية
Icon