معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٥٩
و قوله : مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ (١٢) يقول : استمرّ على طريقته الأولى قبل أن يصيبه البلاء.
وقوله : قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ (١٦) وقد ذكر عن الحسن أنه قال :«و لا أدرأتكم به» فإن يكن فيها لغة سوى دريت وأدريت فلعلّ الحسن ذهب إليها. وأمّا أن تصلح من دريت أو أدريت فلا لأن الياء والواو إذا انفتح ما قبلهما وسكنتا صحّتا ولم تنقلبا إلى ألف مثل قضيت ودعوت.
ولعل الحسن ذهب إلى طبيعته وفصاحته فهمزها لأنها تضارع درأت الحدّ وشبهه.
وربما غلطت العرب فى الحرف إذا ضارعه آخر من الهمز فيهمزون غير المهموز سمعت امرأة من طيئ تقول : رثأت زوجى بأبيات. ويقولون لبّأت بالحج وحلّأت السويق فيغلطون لأن حلّأت قد يقال فى دفع العطاش من الإبل، ولّبأت ذهب إلى اللبأ «١» الذي يؤكل، ورثأت زوجى ذهبت إلى رثيئة اللبن وذلك إذا حلبت الحليب على الرائب.
وقوله : وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ (٢١) العرب تجعل (إذا) تكفى من فعلت وفعلوا. وهذا الموضع من ذلك :
اكتفى ب (إذا) من (فعلوا) ولو قيل (من بعد ضراء مستهم مكروا) كان صوابا.
وهو فى الكلام والقرآن كثير. وتقول : خرجت فإذا أنا بزيد. وكذلك يفعلون ب (إذ) كقول الشاعر «٢» :
بينما هنّ بالأراك معا إذ أتى راكب على جمله
(٢) هو جميل بن معمر العذرىّ. وقوله :«بينماهن» فى رواية الخزانة ٤/ ١٩٩ :«بينما نحن».