معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٧٠
قليلا فجعله عيبا، وهو الأصل. ولقد سمعت عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أنه قال فى بعض المشاهد (لتأخذوا مصافّكم) «١» يريد به خذوا مصافّكم.
وقوله : وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً (٦١) يقول : اللّه تبارك وتعالى شاهد على كل شىء. (وما) هاهنا جحد لا موضع لها.
وهى كقوله ما يَكُونُ «٢» مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ يقول : إلا هو شاهدهم.
وَ ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ و(أصغر وأكبر). فمن نصبهما «٣» فإنما يريد الخفض : يتبعهما المثقال أو الذرّة. ومن رفعهما أتبعهما معنى المثقال لأنك لو ألقيت من المثقال (من) كان رفعا. وهو كقولك : ما أتانى من أحد عاقل وعاقل. وكذلك قوله ما «٤» لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ.
وقوله : أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) (الذين) فى موضع رفع لأنه نعت جاء بعد خبر إنّ كما قال إِنَّ «٥» ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ وكما قال قُلْ «٦» إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ والنصب فى كل ذلك جائز على الإتباع للاسم الأوّل وعلى تكرير (إنّ).

(١) المصاف جمع مصف، وهو الموقف فى الحرب وموضعها الذي تكون فيه الصفوف.
(٢) آية ٧ سورة المجادلة.
(٣) وهم عامة القراء عدا حمزة ويعقوب وخلف، فقد قرءوا بالرفع.
(٤) تكرّر هذا فى القرآن. ومنه الآية ٦٥ سورة الأعراف. يريد أنه جاء فى «غيره» الرفع على المحل والجرّ على اللفظ. والجرّ قراءة الكسائىّ وأبى جعفر. والرفع قراءة الباقين. [.....]
(٥) آية ٦٤ سورة ص.
(٦) آية ٤٨ سورة سبأ.


الصفحة التالية
Icon