معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٧٤
و قوله ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وقد قرأها بعضهم «١» :(ثم أفضوا إلىّ) بالفاء. فأما قوله (اقضوا إلىّ) فمعناه : امضوا إلىّ، كما يقال قد قضى فلان، يراد : قد مات ومضى.
وأما الإفضاء فكأنه قال : ثم توجّهوا إلىّ حتى تصلوا «٢»، كما تقول : قد أفضت إلىّ الخلافة والوجع، وما أشبهه.
وقوله : بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ نَطْبَعُ (٧٤) يقول : لم يكونوا ليؤمنوا لك يا محمد بما كذّبوا به فى الكتاب الأوّل، يعنى اللوح المحفوظ.
وقوله : قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا (٧٧) يقول القائل : كيف أدخل ألف الاستفهام فى قوله (أسحر هذا) وهم قد قالوا (هذا سحر) بغير استفهام؟
قلت : قد يكون هذا من قولهم على أنه سحر عندهم وإن استفهموا كما ترى الرجل تأتيه الجائزة فيقول : أحقّ هذا؟ وهو يعلم أنه حقّ لا شكّ فيه. فهذا وجه.
ويكون أن تزيد الألف فى قولهم وإن كانوا لم يقولوها، فيخرج الكلام على لفظه وإن كانوا لم يتكلّموا به كما يقول الرجل : فلان أعلم منك، فيقول المتكلم : أقلت أحد أعلم بذا منّى؟ فكأنه هو القائل : أأحد أعلم بهذا منى. ويكون على أن تجعل القول بمنزلة الصلة لأنه فضل فى الكلام ألا ترى أنك تقول للرجل :
أتقول عندك مال؟ فيكفيك من قوله أن تقول : ألك مال؟ فالمعنى قائم ظهر القول أو لم يظهر.

(١) نسبها ابن خالويه فى البديع إلى أبى حيوة.
(٢) فى ا :«تضلوا» ويبدو أنها مصحفة عما أثبتنا. وفى ش، ج :«تملوا».


الصفحة التالية
Icon