معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٧٥
و قوله : أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا (٧٨) اللفت : الصرف تقول : ما لفتك عن فلان؟ أي ما صرفك عنه.
ويقول القائل : كيف قالوا (وتكون لكما الكبرياء فى الأرض) فإنّ «١» النبىّ صلى اللّه عليه وسلم إذا صدّق صارت مقاليد أمّته وملكهم إليه، فقالوه على ملك ملوكهم من التكبر.
وقوله : ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ (٨١) (ما) فى موضع الذي كما تقول : ما جئت به باطل. وهى فى قراءة عبد اللّه (ما جئتم به سحر) وإنما قال (السحر) بالألف واللام لأنه جواب لكلام قد سبق ألا ترى أنهم قالوا لما جاءهم به موسى : أهذا سحر؟ فقال : بل ما جئتم به السحر. وكل حرف ذكره متكلم نكرة فرددت عليها لفظها فى جواب المتكلم زدت فيها ألفا ولاما كقول الرجل : قد وجدت درهما، فتقول أنت :
فأين الدرهم؟ أو : فأرنى الدرهم. ولو قلت : فأرنى درهما، كنت كأنك سألته أن يريك غير ما وجده.
وكان مجاهد «٢» وأصحابه يقرءون : ما جئتم به آلسحر : فيستفهم ويرفع السحر من نيّة الاستفهام، وتكون (ما) فى مذهب أىّ كأنه قال : أي شىء جئتم به؟
آلسحر هو؟ وفى حرف أبىّ (ما أتيتم به سحر) قال الفراء : وأشكّ فيه.
وقد يكون (ما جئتم به السحر) تجعل السحر منصوبا كما تقول : ما جئت به الباطل والزور. ثم تجعل (ما) فى معنى جزاء و(جئتم) فى موضع جزم إذا نصبت، وتضمر الفاء فى قوله إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ فيكون جوابا للجزاء. والجزاء لا بدّله أن

(١) هذا جواب السؤال.
(٢) وهى قراءة أبى عمرو وأبى جعفر.


الصفحة التالية
Icon