معاني القرآن، ج ١، ص : ٤٧٩
و قوله : فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ (٩٤) قاله تبارك وتعالى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم وهو يعلم أنه غير شاكّ، ولم يشكك عليه السلام فلم يسأل. ومثله فى العربية أنك تقول لغلامك الذي لا يشكّ فى ملكك إياه : إن كنت عبدى فاسمع وأطع. وقال اللّه تبارك وتعالى لنبيه عيسى صلى اللّه عليه وسلم أَأَنْتَ «١» قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وهو يعلم أنه لم يقله، فقال الموفّق معتذرا بأحسن العذر : إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ.
وقوله : فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها (٩٨) وهى فى قراءة أبىّ (فهلّا) ومعناها : أنهم لم يؤمنوا، ثم استثنى قوم يونس بالنصب على الانقطاع مما قبله : ألا ترى أن ما بعد (إلّا) فى الجحد يتبع ما قبلها، فتقول : ما قام أحد إلا أبوك، وهل قام أحد إلا أبوك لأن الأب من الأحد فإذا قلت : ما فيها أحد إلا كلبا وحمارا، نصبت لأنها منقطعة ممّا قبل إلا إذ لم تكن من جنسه، كذلك كان قوم يونس منقطعين من قوم غيره من الأنبياء.
ولو كان الاستثناء هاهنا وقع على طائفة منهم لكان رفعا. وقد يجوز الرفع فيها كما أن المختلف فى الجنس قد يتبع فيه ما بعد إلا ما قبل إلا كما قال الشاعر :
و بلد ليس به أنيس إلا اليعافير وإلا العيس

(١) آية ١١٦ سورة المائدة.


الصفحة التالية
Icon