معاني القرآن، ج ١، ص : ٧٩
و قوله : وَأَرِنا مَناسِكَنا... (١٢٨)
و فى قراءة عبد اللّه :«و أرناهم مناسكهم» ذهب إلى الذّرّيّة. «وَ أَرِنا» ضمّهم إلى نفسه، فصاروا كالمتكلّمين عن أنفسهم يدلّك على ذلك قوله : وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا رجع إلى الذّرّيّة خاصّة.
وقوله : إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ... (١٣٠)
العرب توقع سفه على (نفسه) وهى معرفة. وكذلك قوله :«بَطِرَتْ مَعِيشَتَها» «١» وهى من المعرفة كالنكرة، لأنه مفسّر، والمفسّر فى أكثر الكلام نكرة كقولك :
ضقت به ذرعا، وقوله :«فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً» «٢» فالفعل للذّرع لأنك تقول : ضاق ذرعى به، فلمّا جعلت الضيق مسندا إليك فقلت : ضقت جاء الذّرع مفسرا لأن الضيق فيه كما تقول : هو أوسعكم دارا. دخلت الدار لتدلّ على أن السعة فيها لا فى الرّجل وكذلك قولهم : قد وجعت بطنك، ووثقت رأيك - أو - وفقت، [قال أبو عبد اللّه «٣» : أكثر ظنّى وثقت بالثاء] «٤» إنما الفعل للأمر، فلمّا أسند الفعل إلى الرجل صلح النصب فيما عاد بذكره على التفسير ولذلك لا يجوز تقديمه، فلا يقال : رأيه سفه زيد، كما لا يجوز دارا أنت أوسعهم لأنه وإن كان معرفة فإنه فى تأويل نكرة، ويصيبه النصب فى موضع نصب النكرة ولا يجاوزه.
(٢) آية ٤ سورة النساء.
(٣) هو محمد بن الجهم السمري مستملى الفراء وراوى الكتاب عنه.
(٤) ما بين الخطين ساقط من ج، ش - هذا - وجاء فى اللسان مادة «وفق» :«وفق أمره يفق قال الكسائي يقال رشدت أمرك ووفقت رأيك، ومعنى وفق أمره وجده موافقا، وقال اللحيائى :
وفقه وفهمه».