معاني القرآن، ج ١، ص : ٨٤
يريد إيمانهم لأنهم داخلون معهم فى الملّة، وهو كقولك للقوم : قد قتلناكم وهزمناكم، تريد : قتلنا منكم، فتواجههم بالقتل وهم أحياء.
وقوله : فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ... (١٤٤)
يريد : نحوه وتلقاءه، ومثله فى الكلام : ولّ وجهك شطره، وتلقاءه، وتجاهه.
وقوله : وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ... (١٤٥)
أجيبت (لئن) بما يجاب به لو. ولو فى المعنى ماضية، ولئن مستقبلة، ولكن الفعل ظهر فيهما بفعل فأجيبتا بجواب واحد، وشبّهت كلّ واحدة بصاحبتها. والجواب فى الكلام فى (لئن) بالمستقبل مثل قولك : لئن قمت لأقومنّ، ولئن أحسنت لتكرمنّ، ولئن أسأت لا يحسن إليك. وتجيب لو بالماضي فتقول : لو قمت لقمت، ولا تقول : لو قمت لأقومنّ. فهذا الذي عليه يعمل، فإذا أجيبت لو بجواب لئن فالذى قلت لك من لفظ فعليهما بالمضيّ، ألا ترى أنك تقول : لو قمت، ولئن قمت، ولا تكاد ترى (تفعل تأتى) «١» بعدهما، وهى جائزة، فلذلك قال «وَ لَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا» «٢» فأجاب (لئن) بجواب (لو)، وأجاب (لو) بجواب (لئن) فقال «وَ لَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ» «٣» الآية

(١) كذا فى ش. وفى أ: «يفعل يأتى» وعلى هذا فقوله بعد :«و هى» راعى فيها الكلمة، فلذلك أنث.
(٢) آية ٥١ سورة الروم.
(٣) آية ١٠٣ سورة البقرة.


الصفحة التالية
Icon