معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٠
و جلّ :(بِأَنَّ «١» رَبَّكَ أَوْحى لَها) وقال :(الْحَمْدُ «٢» لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) وقال :(يَهْدِيهِمْ «٣» إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً) وقال :(فَأَوْحى «٤» إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ) وقد يجوز فى العربيّة أن تقول : فلان يخبت إلى اللّه تريد : يفعل ذلك بوجهه إلى اللّه لأن معنى الإخبات الخشوع، فيقول : يفعله بوجهه إلى اللّه وللّه. وجاء فى التفسير : وأخبتوا فرقا «٥» من اللّه فمن يشاكل معنى اللام ومعنى إلى إذا أردت به لمكان هذا ومن أجل هذا.
وقوله :(ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا) [٢٧] رفعت الأراذل بالاتّباع «٦» وقد وقع الفعل فى أوّل الكلام على اسمه. ولا تكاد العرب تجعل المردود بإلّا إلا على المبتدأ لا على راجع ذكره. وهو جائز. فمن البيّن الذي لا نظر فيه أن تقول : ما قام أحد إلّا زيد. وإن قلت : ما أحد قام إلا زيد فرفعت زيدا بما عاد فى فعل أحد فهو قليل وهو جائز. وإنما بعد على المبتدأ لأنه كناية، والكناية لا يفرق فيها بين أحد وبين عبد اللّه، فلمّا قبح أن تقول : ما قام هو إلّا زيد، وحسن : ما قام أحد إلا زيد تبيّن ذلك لأن أحدا كأنّه ليس فى الكلام فحسن الردّ على الفعل. ولا يقال للمعرفة أو الكناية أحد إذ شاكل «٧» المعرفة كأنه «٨» ليس فى الكلام ألا ترى أنك تقول ما مررت بأحد إلا بزيد (فكأنك «٩» قلت : ما مررت إلا بزيد) لأن أحدا لا يتصوّر فى الوهم أنه معمود «١٠» له. وقبيح أن تقول : ليس أحد مررت به إلّا بزيد لأن الهاء لها صورة كصورة

(١) الآية ٥ سورة الزلزلة
(٢) الآية ٤٣ سورة الأعراف
(٣) الآية ١٧٥ سورة النساء
(٤) الآية ١٣ سورة إبراهيم
(٥) أي خوفا
(٦) الظاهر أنه يريد أنه مرفوع فى المعنى بالاتباع في قوله :«اتبعك» يريد أنه فاعل الاتباع فى الحقيقة وإن كان الفعل واقعا على (الذين) اسم الموصول فهو اسمه. [.....]
(٧) أي الكناية
(٨) أي كأن أحدا.
(٩) سقط ما بين القوسين فى ش.
(١٠) في ا :«مصمود» والصمد والصمد : القصد


الصفحة التالية
Icon