معاني القرآن، ج ٢، ص : ١١
المعرفة، وأنت لا تقول : ما قمت إلا زيد فهذا وجه قبحه. كذلك قال :(ما نَراكَ) ثم كأنه حذف (نراك) وقال :(ما اتّبعك إلا الذين هم أراذلنا) فان على هذا ما ورد عليك إن شاء اللّه :
(بادِيَ الرَّأْيِ) لا تهمز (بادِيَ) لأن المعنى فيما يظهر لنا [و«١»] يبدو. ولو قرأت «٢» (بادىء «٣» الرأى) فهمزت تريد أوّل الرأى لكان صوابا. أنشدنى بعضهم :
أضحى لخالى شبهى بادى بدى وصار للفحل لسانى ويدى «٤»
فلم يهمز ومثله مما تقوله العرب فى معنى ابدأ بهذا أوّل، ثم يقولون. ابدأ بهذا آثرا ما وآثر ذى أثير (وأثير «٥» ذى أثير) وإثر ذى أثير، وابدأ بهذا أوّل ذات يدين وأدنى دنىّ. وأنشدونا :
فقالوا ما تريد فقلت ألهو إلى الإصباح آثر ذى أثير «٦»
و قوله : بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ [٢٧] مثل قوله (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ «٧» إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) لأنهم كذّبوا نوحا وحده، وخرج على جهة الجمع، وقوله (فَإِلَّمْ «٨» يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) فلكم أريد بها النبىّ صلّى اللّه عليه وسلم. وقوله :(فَاعْلَمُوا) ليست للنبى صلّى اللّه عليه وسلم. إنما هى لكفّار مكّة ألا ترى أنه قال (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
وقوله :(وَ آتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ).

(١) زيادة من اللسان فى (بدأ) و(بدا).
(٢) قرأ بالهمز أبو عمرو.
(٣) كذا في ا. وفى ش، ج :«بادى بابتداء الرأى» وفيها تحريف.
(٤) فى ا :«شبه» فى مكان «شبهى» يريد أن ظاهره فى الشبه لخاله، فى الفعل باليد أو اللسان فهو ينزع إلى الفحل أي إلى أبيه، وفي اللسان (بدا) أنه تعدى شرخ الشباب وصارت أعماله أعمال الفحولة والكهول.
(٥) ما بين القوسين فى ب.
(٦) هذا البيت من قصيدة لعروة بن الورد. كان قد سبى امرأة من كنانة وعاشرها مدة طويلة حتى كان له منها ولد. ثم عرفها أهلها وافتدوها منه بمال وتحينوا سكره فى ذلك، فلما أيقن أنه سيفارقها طلب أن يلهو بها ليلته. وانظر الأغانى (الدار) ٣/ ٨٧.
(٧) أول سورة الطلاق.
(٨) الآية ١٤ سورة هود.


الصفحة التالية
Icon