معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٢
يعنى الرسالة. وهى نعمة ورحمة. وقوله :(فعمّيت عليكم) قرأها يحيى بن وثّاب والأعمش وحمزة «١». وهى فى قراءة أبىّ (فعمّاها عليكم) وسمعت العرب تقول : قد عمّى علىّ الخبر وعمى علىّ بمعنى واحد. وهذا ممّا حوّلت العرب الفعل إليه وليس له، وهو فى الأصل لغيره ألا ترى أن الرجل الذي يعمى عن الخبر أو يعمّى عنه، ولكنّه فى جوازه مثل قول العرب :
دخل الخاتم فى يدى والخفّ فى رجلى، وأنت تعلم أن الرجل التي تدخل فى الخفّ والأصبع فى الخاتم. فاستخفّوا بذلك إذا «٢» كان المعنى معروفا لا يكون لذا فى حال، ولذا فى حال إنما هو لواحد. فاستجازوا ذلك لهذا. وقرأه العامّة (فعميت) وقوله (أَ نُلْزِمُكُمُوها) العرب تسكّن الميم التي من اللزوم فيقولون : أنلزمكموها. وذلك أن الحركات قد توالت فسكنت الميم لحركتها وحركتين بعدها وأنها مرفوعة، فلو كانت منصوبة لم يستثقل فتخفّف. إنما يستثقلون كسرة بعدها ضمة أو ضمة بعدها كسرة أو كسرتين متواليتين أو ضمّتين متواليتين. فأمّا الضمّتان فقوله :(لا يَحْزُنُهُمُ «٣») جزموا النون لأن قبلها ضمة فخفّفت كما قال (رسل) «٤» فأمّا الكسرتان فمثل قوله الإبل إذا خفّفت. وأمّا الضمّة والكسرة فمثل قول الشاعر :
و ناع يخبّرنا بمهلك سيّد تقطّع «٥» من وجد عليه الأنامل
و إن شئت تقطّع. وقوله فى الكسرتين :
إذا اعوججن قلت صاحب قوّم «٦»

(١) وكذلك قرأها الكسائي وحفص عن عاصم.
(٢) ا :«إذ» [.....]
(٣) الآية ١٠٣ سورة الأنبياء.
(٤) ب :«و أما».
(٥) ضبط فى ا :«تقطع» بصيغة الماضي.
(٦) هذا رجز بعده :
بالدون أمثال السفين العوم
قال الأعلم :«و الدو : الصحراء. وأراد بأمثال السفين رواحل محملة تقطع الصحراء قطع السفين البحر» وانظر سيبوية ٢/ ٢٩٧.


الصفحة التالية
Icon