معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٠٥
إن العقل فى أموالنا لا نضق به ذراعا وإن صبرا فنعرف للصبر «١»
أراد : إن يكن فأضمرها. ولو جعلت (ما بِكُمْ) فى معنى (الذي) جاز وجعلت صلته (بكم) و(ما) حينئذ فى موضع رفع بقوله (فَمِنَ اللَّهِ) وأدخل الفاء كما قال تبارك وتعالى (قُلْ إِنَّ «٢» الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) وكلّ اسم وصل، مثل من وما والذي فقد يجوز «٣» دخول الفاء فى خبره لأنه مضارع للجزاء والجزاء قد يجاب بالفاء. ولا يجوز أخوك فهو قائم لأنه اسم غير موصول وكذلك مالك لى. فإن قلت : مالك جاز أن تقول : فهو لى. وإن ألقيت الفاء فصواب.
وما ورد عليك فقسه على هذا. وكذلك النكرة الموصولة. تقول : رجل يقول الحقّ فهو أحبّ إلىّ من قائل الباطل. وإلقاء الفاء أجود فى كلّه من دخولها.
والجؤار «٤» : الصوت الشديد. والثور يقال له : قد جأر يجأر جؤارا إذا ارتفع صوته من جوع أو غيره بالجيم. وكذلك (فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ)
و قوله : وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ [٥٧] نصب «٥» لأنها مصدر، وفيها معنى من التعوّذ والتنزيه للّه عزّ وجلّ. فكأنها بمنزلة قوله (مَعاذَ «٦» اللَّهِ) وبمنزلة (غُفْرانَكَ «٧» رَبَّنا).
وقوله :(لَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) (ما) فى موضع رفع ولو كانت نصبا على : ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون لكان ذلك صوابا. وإنما اخترت الرفع لأن مثل ذا من الكلام يجعل مكان لهم لأنفسهم

(١) ورد البيت فى أمالى ابن الشجري ٢/ ٢٣٦، وقال :«أراد» إن يكن العقل أي إن تكن الدية، وقوله :
(وإن صبرا) أي وإن نصبر صبرا بمعنى نحبس حبسا» وقوله :«نحبس» بالبناء للمفعول، وكانه يريد الحبس للقصاص، وقوله : فنعرف للصبر أي نخضع له ونقر.
(٢) الآية ٨ سورة الجمعة.
(٣) ش :«يجاز».
(٤) أي فى قوله تعالى فى الآية (فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ).
(٥) الحديث عن (سبحانه).
(٦) فى الآيتين ٢٣، ٧٩ سورة يوسف.
(٧) فى الآية ٢٨٥ سورة البقرة.


الصفحة التالية
Icon