معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٠٨
خلفتهم ونسيتهم. وتقرأ «١» (وأنّهم مفرطون) بكسر الراء، كانوا مفرطين فى سوء العمل لأنفسهم فى الذنوب. وتقرأ «٢» (مفرّطون) كقوله (يا حَسْرَتى «٣» عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) يقول :
فيما تركت وضيّعت.
وقوله : نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ [٦٦] العرب تقول لكلّ ما كان من بطون الأنعام ومن السّماء أو نهر يجرى لقوم : أسقيت. فإذا سقاك الرّجل ماء لشفتك قالوا : سقاه. ولم يقولوا : أسقاه كما قال اللّه عزّ وجل (وَ سَقاهُمْ «٤» رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) وقال (وَ الَّذِي «٥» هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ) وربما قالوا لما فى بطون الأنعام ولماء السّماء سقى وأسقى، كما قال لبيد :
سقى قومى بنى مجد وأسقى نميرا والقبائل من هلال «٦»
رعوه مربعا وتصيّفوه بلا وبإ سمىّ ولا وبال
و قد اختلف القراء فقرأ بعضهم «٧» (نُسْقِيكُمْ) وبعضهم (نسقيكم).
وأمّا قوله (مِمَّا فِي بُطُونِهِ) ولم يقل بطونها فإنه قيل - واللّه أعلم - إن النّعم والأنعام شىء واحد، وهما جمعان، فرجع التذكير إلى معنى النّعم إذ كان يؤدى عن الأنعام أنشدنى بعضهم :
إذا رأيت أنجما من الأسد جبهته أو الخراة والكتد
بال سهيل فى الفضيح. ففسد وطاب ألبان اللقاح وبرد «٨»
(٢) هى قراءة أبى جعفر.
(٣) الآية ٥٦ سورة الزمر.
(٤) الآية ٢١ سورة الإنسان.
(٥) الآية ٧٩ سورة الشعراء.
(٦) مجد : أم كلب وكلاب ابني ربيعة بن عامر بن صعصعة. وانظر الخصائص ١/ ٣٧٠.
(٧) هى قراءة نافع وابن عامر وأبى بكر عن عاصم ويعقوب. وقراءة الباقين بضم النون.
(٨) انظر ص ١٢٩ من الجزء الأول.