معاني القرآن، ج ٢، ص : ١١٩
و قوله : اقْرَأْ كِتابَكَ [١٤] : فيها - واللّه أعلم - (يقال) مضمرة. مثل قوله (وَ يَوْمَ تَقُومُ «١» السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ) ومثل قوله (فَأَمَّا الَّذِينَ «٢» اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ) المعنى - واللّه أعلم - :
فيقال : أكفرتم.
وقوله : أَمَرْنا مُتْرَفِيها
[١٦] قرأ الأعمش ٩٩ ا وعاصم ورجال من أهل المدينة (أَمَرْنا)
خفيفة حدّثنا محمد قال حدّثنا الفراء قال حدّثنى سفيان بن عيينة عن حميد الأعرج عن مجاهد (أَمَرْنا)
خفيفة.
وفسّر بعضهم (أَمَرْنا مُتْرَفِيها)
بالطاعة (فَفَسَقُوا)
أي إن المترف إذا أمر بالطاعة خالف إلى الفسوق «٣».
وفى قراءة أبيّ بن كعب (بعثنا فيها أكابر مجرميها) وقرأ الحسن (آمرنا) وروى عنه (أمرنا) ولا ندرى أنها حفظت عنه لأنا «٤» لا نعرف معناها هاهنا. ومعنى (آمرنا) بالمدّ : أكثرنا. وقرأ أبو العالية الرياحي (أمّرنا مترفيها) وهو موافق لتفسير ابن عباس، وذلك أنه قال : سلّطنا رؤساءها ففسقوا فيها.
قوله : كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [١٤] وكلّ ما فى القرآن من قوله (وَ كَفى بِرَبِّكَ) (وَ كَفى بِاللَّهِ) و(كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ) فلو ألقيت الباء كان الحرف مرفوعا كما قال الشاعر «٥» :
و يخبرنى عن غائب المرء هديه كفى الهدى عمّا غيّب المرء مخبرا
و إنما يجوز دخول الباء فى المرفوع إذا كان يمدح به صاحبه ألا ترى أنك تقول : كفاك به ونهاك به وأكرم به رجلا، وبئس به رجلا، ونعم به رجلا، وطاب بطعامك طعاما، وجاد بثوبك ثوبا. ولو لم يكن مدحا أو ذمّا لم يجز دخولها ألا ترى أن الذي يقول : قام أخوك أو قعد أخوك
(٢) الآية ١٠٦ سورة آل عمران.
(٣) ب :«الفسق»
(٤) روى عن أبى زيد أن (أمر) بكسر الميم كأمر بفتحها بمعنى أكثر. وانظر البحر ٦/ ٢٠
(٥) هو زيادة بن زيد العدوى كما فى اللسان (هدى). والهدى : السيرة والسمت.