معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٢٦
و قوله : وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها [٥٨] بالموت (أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً) بالسّيف.
وقوله : وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ [٥٩] (أن) فى موضع نصب (إِلَّا أَنْ كَذَّبَ) أن فى موضع رفع كما تقول : ما منعهم الإيمان إلّا تكذيبهم.
وقوله (النَّاقَةَ مُبْصِرَةً) جعل الفعل لها. ومن «١» قرأ (مبصرة) أراد : مثل قول عنترة.
والكفر مخبثة لنفس المنعم «٢»
فإذا وضعت مفعلة فى معنى فاعل كفت من الجمع والتأنيث، فكانت موحّدة مفتوحة العين، لا يجوز كسرها. العرب تقول : هذا عشب ملبنة «٣» مسمنة «٤»، والولد مبخلة مجبنة. فما ورد عليك منه فأخرجه على هذه الصورة. وإن كان من الياء والواو فأظهرهما. تقول : هذا شراب مبولة، وهذا كلام مهيبة للرجال «٥»، ومتيهة، وأشباه ذلك. ومعنى (مبصرة) مضيئة، كما قال اللّه عز وجل (والنَّهارَ مُبْصِراً) :«٦» مضيئا.
وقوله : إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ [٦٠] يعنى أهل مكة أي أنه سيفتح لك (وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً) يريد : ما أريناك ليلة الإسراء إلا فتنة لهم، حتى قال بعضهم : ساحر، وكاهن، وأكثروا. (وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ) هى شجرة الزّقوم، نصبتها بجعلنا. ولو رفعت تتبع الاسم «٧» الذي فى فتنة من الرؤيا كان صوابا. ومثله فى الكلام جعلتك عاملا وزيدا وزيد.
(٢) صدره :
نبئت عمرا غير شاكر نعمتى
و هو من معلقته.
(٣) أي يغزر عليه اللبن إذا رعى.
(٤) أي يكثر السمن فى لبن المال إذا رعاه.
(٥) ش، ب :«للرجل»
(٦) الآيات ٦٧ سورة يونس، ٨٦ سورة النمل، ٦١ سورة غافر.
(٧) كأنه يريد الضمير فى (فتنة) وعند الكوفيين أن الخبر الجامد يتحمل ضميرا. وفى العكبري أن الرفع قراءة شاذة وأنه على جعل (الشجرة) مبتدأ محذوف الخبر أي فتنة