معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٢٨
و (لا تقل) «١» : هو أعمى منه فى العين. فذلك أنه لمّا جاء على مذهب أحمر وحمراء ترك فيه أفعل منك كما ترك فى كثيره «٢». وقد تلقى بعض النحويين يقول : أجيزه فى الأعمى والأعشى والأعرج والأزرق، لأنا قد نقول : عمى وزرق وعرج وعشى ولا نقول : صفر ولا حمر ولا بيض. وليس ذلك بشىء، إنما ينظر فى هذا إلى ما كان لصاحبه فيه فعل يقلّ أو يكثر، فيكون أفعل دليلا على قلّة الشيء وكثرته ألا ترى أنك قد تقول : فلان أقوم من فلان وأجمل لأنّ قيام ذا وجماله قد يزيد على قيام الآخر وجماله، ولا تقول لأعميين : هذا أعمى من هذا، ولا لميّتين : هذا أموت من هذا.
فإن جاءك منه شىء فى شعر فأجزته احتمل النوعان «٣» الإجازة : حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدّثنى شيخ من أهل البصرة أنه سمع العرب تقول : ما أسود شعره. وسئل الفراء عن الشيخ فقال : هذا بشّار الناقط. وقال الشاعر «٤» :
أمّا الملوك فأنت اليوم ألأمهم لؤما وأبيضهم سربال طبّاخ
فمن قال هذا لزمه أن يقول : اللّه أبيضك واللّه أسودك وما أسودك. ولعبة للعرب يقولون أبيضى حالا «٥» وأسيدى حالا «٦» والعرب تقول مسودة مبيضة إذا ولدت السودان والبيضان وأكثر ما يقولون : موضحة إذا ولدت البيضان وقد يقولون مسيدة ١٠١ ب.
وقوله : وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ [٧٦] لمّا قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة حسدته اليهود وثقل عليهم مكانه، فقالوا : إنك لتعلم أن هذه البلاد ليست ببلاد الأنبياء، إنما بلادهم
(٢) كأنه يريد مازاد على ثلاثة أحرف كاحمر.
(٣) كأنه يريد بالنوعين ما ليس له فعل ثلاثى، وماله فعل ثلاثى ولا تفاوت فيه ولا تفاضل.
(٤) هو طرفة بن العبد، يقوله فى هجاء عمرو بن هند، كما فى التاج. والسربال : الثوب. كنى ببياض سربال طباخه عن قلة طبخه فيبقى سرباله نظيفا، وهذا يراد به البخل وأنه لا يبذل طعامه، إذ لو كان كذلك لاسود سربال طباخه ويقول ابن الكلبي : إن هذا الشعر منحول لطرفة. وانظر الخزانة ٣/ ٤٨٤ [.....]
(٥، ٦) فى القاموس :«حبالا» وقد نقل هذا عن الصاغاني. وفى التكملة له «حالا» كما هنا فيبدو أنه الصواب.
ولم أقف على وصف هذه اللعبة.