معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٣٠
و قوله : كانَ يَؤُساً [٨٣] إذا تركت الهمزة من قوله (يؤوسا) فإن العرب تقول يوسا ويووسا تجمعون «١» بين ساكنين وكذلك (وَ لا يَؤُدُهُ «٢» حِفْظُهُما) وكذلك (بِعَذابٍ «٣» بَئِيسٍ) يقول بيس و(بييس) و(يؤوده) يجمعون بين ساكنين. فهذا كلام العرب : والقراء يقولون (يووسا) و(يووده) فيحرّكون الواو إلى الرفع و(بييس) يحرّكون الياء الأولى إلى الخفض. ولم نجد ذلك فى كلامهم، لأن تحريك الياء والواو أثقل من ترك الهمزة، فلم يكونوا ليخرجوا من ثقل إلى ما هو أثقل منه.
وقوله : قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ [٨٤] : ناحيته. وهى الطريقة والجديلة. وسمعت بعض العرب من قضاعة يقول : وعبد الملك إذا ذاك على جديلته وابن الزبير على جديلته. والعرب تقول : فلان على طريقة صالحة، وخيدبة صالحة، وسرجوجة. وعكل تقول : سرجيجة.
وقوله : قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [٨٥] يقول : من علم ربّي، ليس من علمكم.
وقوله : إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [٨٧] استثناء «٤» كقوله (إِلَّا حاجَةً «٥» فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها).
وقوله : عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ [٨٨] جواب «٦» لقوله (لئن) والعرب إذا أجابت (لئن) ب (لا) جعلوا ما بعد لا رفعا لأن (لئن) كاليمين، وجواب اليمين ب (لا) مرفوع.
وربما جزم الشاعر، لأن (لئن) «٧» إن التي يجازى بها زيدت عليها لام، فوجّه الفعل فيها إلى فعل، ولو أتى بيفعل لجاز جزمه. وقد جزم بعض الشعراء بلئن، وبعضهم بلا التي هى جوابها.
قال الأعشى :

(١) أي إذا حذفت الهمزة خلفتها واو ساكتة فتجتمع ساكنة مع الواو الأولى، وهذا الرأى من الفراء لا يعرف لغيره.
(٢) الآية ٢٥٥ سورة البقرة
(٣) الآية ١٦٥ سورة الأعراف
(٤) يريد أنه استثناء منقطع بمعنى لكن الاستدراكية، كما فى آية يوسف
(٥) الآية ٦٨ سورة يوسف
(٦) أي قوله : لا يأتون»
(٧) ا :«بعد إن»


الصفحة التالية
Icon