معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٣٩
و قوله : أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ [٢٦] يريد اللّه تبارك وتعالى كقولك فى الكلام : أكرم بعبد اللّه ومعناه : ما أكرم عبد اللّه وكذلك قوله (أَسْمِعْ «١» بِهِمْ وَأَبْصِرْ) : ما أسمعهم ما أبصرهم. وكلّ ما كان فيه معنى من المدح والذمّ فإنك تقول «٢» فيه : أظرف به وأكرم به، ومن الياء والواو : أطيب به طعاما، وأجود به ثوبا، ومن المضاعف تظهر فيه التضعيف ولا يجوز الإدغام، كما لم يجز نقص الياء ولا الواو لأن أصله ما أجوده وما أشدّه وأطيبه فترك على ذلك، وأما أشدد به فإنه ظهر التضعيف لسكون اللام من الفعل، وترك فيه التضعيف فلم يدغم لأنه لا يثنّى ولا يؤنّث، لا تقول للاثنين :
أشدّا بهما، ولا للقوم أشدّوا بهم. وإنما استجازت العرب أن يقولوا مدّ فى موضع امدد لأنهم قد يقولون فى الاثنين : مدّا وللجميع : مدّوا، فبنى الواحد على الجميع.
وقوله (وَ لا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) ترفع إذا كان «٣» بالياء على : وليس يشرك. ومن «٤» قال (لا تشرك) جزمها لأنها نهى.
وقوله : مُلْتَحَداً [٢٧] الملتحد : الملجأ.
وقوله : بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ [٢٨] قرأ «٥» أبو عبد الرحمن السّلمىّ (بالغدوة والعشىّ) ولا أعلم أحدا قرأ غيره. والعرب لا تدخل الألف واللام فى الغدوة لأنها معرفة بغير ألف ولام سمعت أبا الجراح يقول : ما رأيت كغدوة قطّ، يعنى غداة يومه. وذاك أنها كانت باردة ألا ترى أن العرب لا تضيفها فكذلك لا تدخلها الألف واللام.
إنما يقولون : أتيتك غداة الخميس، ولا يقولون : غدوة الخميس. فهذا دليل على أنها معرفة.
(٢) سقط فى ا.
(٣) ا :«كانت». [.....]
(٤) هو ابن عامر، وافقه المطوعى والحسن.
(٥) هى قراءة ابن عامر من السبعة. وقد ورد تنكير غدوة حكاه سيبويه والخليل عن العرب، فعلى هذا جاءت هذه القراءة ولا يصح إنكارها. وانظر البحر المحيط ٤/ ١٣٦