معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٤٠
و قوله (وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ) الفعل للعينين : لا تنصرف عيناك عنهم. وهذه نزلت فى سلمان وأصحابه.
وقوله (وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) متروكا قد ترك فيه الطاعة وغفل عنها. ويقال إنه أفرط فى القول فقال : نحن رءوس مضر وأشرافها، وليس كذلك. وهو عيينة ابن حصن. وقد ذكرنا «١» حديثه فى سورة الأنعام.
وقوله : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ [٣٠] خبر (الَّذِينَ آمَنُوا) فى قوله (إِنَّا لا نُضِيعُ) وهو مثل قول الشاعر :
إن الخليفة إنّ اللّه سربله سربال ملك بها تزجى الخواتيم «٢»
كأنه فى المعنى : إنا لا نضيع أجر من عمل صالحا فترك الكلام الأول واعتمد على الثاني بنيّة التكرير كما قال (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ «٣») ثم قال (قِتالٍ فِيهِ) يريد : عن قتال فيه بالتكرير ويكون أن تجعل (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا) فى مذهب جزاء، كقولك : إن من عمل صالحا فإنا لا نضيع أجره، ب : فتضمر فتضمّن الفاء فى قوله (فإنا) وإلقاؤها جائز. وهو أحبّ الوجوه إلىّ.
وإن شئت جعلت خبرهم مؤخّرا كأنك قلت : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم جنّات عدن.
وقوله : يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ [٣١] لو ألقيت (من) من الأساور كانت نصبا. ولو ألقيت (من) من الذهب جاز نصبه على بعض القبح، لأن الأساور ليس بمعلوم عددها، وإنما يحسن «٤»

(١) انظر ص ٣٣٦ من الجزء الأولى.
(٢) «بها» كذا والسربال مذكر فكأنه أراد الحلة. وفى الطبري :«به» وقوله :«تزجى» أي تدفع وتساق. وفى الطبري :«ترجى».
(٣) الآية ٢١٧ سورة البقرة.
(٤) ا :«حسن».


الصفحة التالية
Icon