معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٤
و قوله : وَفارَ التَّنُّورُ [٤٠] هو تنّور الخابر : إذا فار الماء من أحرّ مكان فى دارك فهى آية العذاب فأسر بأهلك. وقوله (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) والذكر والأنثى من كل نوع زوجان. وقوله (وَ أَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) حمل معه امرأة له سوى التي هلكت، وثلاثة بنين ونسوتهم، وثمانين إنسانا سوى ذلك. فذلك قوله (وَ مَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) و(الثمانون «١») هو القليل.
وقوله : وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ [٤١] (إن شئت جعلت مجراها ومرساها) فى موضع رفع بالياء كما تقول : إجراؤها وإرساؤها بسم اللّه وبأمر اللّه. وإن شئت جعلت (بِسْمِ اللَّهِ) ابتداء مكتفيا بنفسه، كقول القائل عند الذبيحة أو عند ابتداء المأكل وشبهه : بسم اللّه ويكون (مجريها ومرسيها) فى موضع نصب يريد بسم اللّه فى مجراها وفى مرساها. وسمعت العرب تقول :
الحمد للّه سرارك «٢» وإهلالك «٣»، وسمع منهم الحمد للّه ما إهلالك إلى سرارك يريدون ما بين إهلالك إلى سرارك.
والمجرى والمرسى ترفع ميميهما قرأ بذلك إبراهيم النخعىّ والحسن وأهل المدينة. حدّثنا محمد قال :
حدّثنا الفراء قال : حدّثنا أبو معاوية «٤» عن الأعمش عن مسلم «٥» بن صبيح عن مسروق أنه قرأها (مَجْراها) بفتح الميم و(مرسها) بضم الميم. قال : وحدّثنا الفراء قال حدثنا أبو معاوية وغيره عن الأعمش عن رجل قد سمّاه عن عرفجة أنه سمع عبد اللّه بن مسعود قرأها (مجراها) بفتح الميم ورفع الميم من مرسيها.
وقرأ مجاهد (مجريها ومرسيها) يجعله من صفات اللّه عزّ وجلّ، فيكون فى موضع خفض فى الإعراب لأنه معرفة. ويكون نصبا لأن مثله قد يكون نكرة لحسن الألف واللام فيهما ألا ترى

(١) ب :«فالثمانون).
(٢) سرار القمر خفاؤه فى أواخر الشهر. وإهلاله حيث يظهر هلاله. يقال هذا عند رؤية الهلال.
(٣) سرار القمر خفاؤه فى أواخر الشهر. وإهلاله حيث يظهر هلاله. يقال هذا عند رؤية الهلال. [.....]
(٤) هو محمد بن خازم الضرير مات سنة ١٩٥ ه كما فى الخلاصة.
(٥) هو أبو الضحى العطار الكوفي توفى فى خلافة عمر بن عبد العزيز كما فى الخلاصة.


الصفحة التالية
Icon