معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٤٢
و التوحيد فى الفعل. ونظيرهما (عَسى أَنْ يَكُونُوا «١» خَيْراً مِنْهُمْ) وفى قراءة عبد اللّه (عسوا أن يكونوا خيرا منهم) ألا ترى أنك لا تقول، هو يعسى كما لم تقل يبأس.
وقوله : كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها
[٣٣] ولم يقل : آتتا. وذلك أن (كِلْتَا) ثنتان لا يفرد واحدتهما، وأصله كلّ كما تقول للثلاثة : كلّ : فكان القضاء أن يكون للثنتين ما كان للجمع، لا أن يفرد للواحدة شىء فجاز توحيده ١٠٤ ب على مذهب كلّ. وتأنيثه جائز للتأنيث الذي ظهر فى كلتا. وكذلك فافعل بكلتا وكلا وكلّ إذا أضفتهنّ إلى معرفة وجاء الفعل بعدهن، فاجمع ووحّد.
من التوحيد قوله (وَ كُلُّهُمْ آتِيهِ «٢» يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) ومن الجمع (وَ كُلٌّ أَتَوْهُ «٣» داخِرِينَ) و(آتوه) مثله. وهو كثير فى القرآن وسائر الكلام. قال الشاعر :
و كلتاهما قد خطّ لى فى صحيفتى فلا العيش أهواه ولا الموت أروح
و قد تفرد العرب إحدى كلتا وهم يذهبون بإفرادها إلى اثنتيها، أنشدنى بعضهم.
فى كلت رجليها سلامى واحده كلتاهما مقرونة بزائده «٤»
يريد بكلت كلتا.
والعرب تفعل ذلك أيضا فى (أىّ) فيؤنثون ويذكّرون، والمعنى التأنيث، من ذلك قول اللّه تبارك

(١) الآية ١١ سورة الحجرات. [.....]
(٢) الآية ٩٥ سورة مريم.
(٣) الآية ٨٧ سورة النمل.
(٤) ورد هذا الرجز فى الخزانة فى الشاهد الثالث عشر. وفيها أنه فى وصف نعامة. والسلامى : عظم فى فرسن البعير، وعظام صغار طول إصبع أو أقل فى اليد والرجل والفرسن للبعير بمنزلة الحافر للفرس والضمير فى كلتاهما للرجلين.
والشطر الأخير مؤكد لما فى الشطر الأول فالزائدة هى السلامى. وقد ضبط «كلت» بالكسر، والذي فى الخزانة والإنصاف ضبطه بالفتح، وقد يسر هذا للبصريين أن يقولوا : الأصل كلتا فحذفت الألف. والأقرب إلى مذهب الفراء والكوفيين الجر بالكسر إذ يجعلونها مفرد كلتا. وفى الخزانة أورد عبارة الفراء هكذا. «و قد تفرد العرب إحدى كلتى بالإحالة وهم يذهبون بافرادها إلى اثنينيتها وأنشد فى بعضهم البيت. يعنى الظليم يريد بكلت كلّى».


الصفحة التالية
Icon