معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٤٣
و تعالى (وَ ما تَدْرِي «١» نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) ويجوز فى الكلام بأيّة أرض. ومثله (فى أىّ «٢» صورة) يجوز فى الكلام فى أيّة صورة. وقال الشاعر :
بأيّ بلاء أم بأيّة نعمة يقدّم قبلى مسلم والمهلّب
و يجوز أيّتهما قال ذاك. وقالت ذاك أجود. فتذكّر وقد أدخلت الهاء، تتوهّم أنّ الهاء ساقطة إذا جاز للتأنيث (بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) وكذلك يجوز أن تقول للاثنتين «٣» : كلاهما وكلتاهما.
قال الشاعر :
كلا عقبيه قد تشعّب رأسها من الضرب فى جنبى ثفال مباشر
الثفال : البعير البطيء فإن قال قائل : إنما استجزت توحيد (كِلْتَا) لأن الواحد منهما لا يفرد فهل تجيز : الاثنتان قام وتوحّد، والاثنان قام إذ لم يفرد له واحد؟
قلت : إن الاثنين بنيا على واحد ولم يبن (كلا) على واحد، ألا ترى أن قولك : قام عبد اللّه كلّه خطأ، وأنك تجد معنى الاثنين على واحد كمعنى الثلاثة وزيادات «٤» العدد، ولا يجوز إلا أن تقول : الاثنان قاما والاثنتان قامتا.
وهى فى قراءة عبد اللّه.
كلّ الجنتين آتى أكله
و معناه كلّ شىء من ثمر الجنتين آتى أكله. ولو أراد جمع الثنتين ولم يرد كل الثمر لم يجز إلّا كلتاهما، ألا ترى أنك لا تقول : قامت المرأتان كلهما، لأن (كل) لا تصلح لإحدى المرأتين وتصلح لإحدى الجنّتين. فقس على هاتين كل ما يتبعّض مما يقسم أولا يقسم.
(٢) الآية ٨ سورة الانفطار.
(٣) ا، ش، ب «للاثنين» والمناسب ما أثبت.
(٤) يريد أربعة فما قوقها.