معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٦
و قوله (فِي عِيشَةٍ «١» راضِيَةٍ) معناها مرضيّة، وقال الشاعر «٢» :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسى
معناه المكسوّ. تستدلّ على ذلك أنك تقول : رضيت هذه المعيشة ولا تقول : رضيت ودفق الماء ولا تقول : دفق، وتقول كسى العريان ولا تقول : كسا. ويقرأ (إلّا من رحم) أيضا «٣».
ولو قيل لا عاصم اليوم من أمر اللّه إلّا من رحم كأنّك «٤» قلت : لا يعصم «٥» اللّه اليوم إلّا من رحم ولم نسمع «٦» أحدا قرأ به.
وقوله :(وَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) [٤٤] وهو جبل بحضنين «٧» من أرض الموصل ياؤه مشدّدة وقد حدّثت أنّ بعض «٨» القراء قرأ (على الجودي) بإرسال الياء. فإن تكن صحيحة فهى مما كثر به الكلام عند أهله فخفّف، أو يكون قد سمّى بفعل أنثى مثل حطىّ وأصرّى وصرّى، ثم أدخلت عليه الألف واللام. أنشدنى بعضهم - وهو المفضّل - :
و كفرت قوما هم هدوك لأقدمى إذ كان زجر أبيك سأسأ واربق «٩»

(١) الآية ٢١ سورة الحاقة.
(٢) هو الحطيئة. والبيت من قصيدة يهجو فيها الزبرقان بن بدر التميمي.
(٣) سقط فى ا.
(٤) كذا فى ا. وفى شىء :«فإنك». ويصح أن يكون جواب لو بإسقاط الفاء.
(٥) ب :«يعصم». [.....]
(٦) فى الكشاف أنه قرىء به. ولم يذكر القارئ.
(٧) كذا فى الأصول. ولم أقف عليه فى البلدان. وقد يكون :«بحصنين» تثنيه حصن لما يتحصن به. وفى القاموس أن حصنين بلد وقلعة بوادي لية ولية فى بلاد العرب وليس فى الموصل. ولم يعين البلد ولم يعرف أين هوه.
(٨) هو الأعمش برواية المطوعى كما فى الإتحاف.
(٩) «أقدمى» يقولها الفارس لفرسه يأمرها بالإقدام فى الحرب، وفى الحديث فى يوم بدر أنه سمع صوت يقول :
أقدم حيزوم وحيزوم فرس جبريل عليه السلام، وقد جعل هذا زجرا والمعروف فى زجر الفرس اجدم. وسأسأزجر الحمار. يقول كفرت قوما علموك الغزو ورشحوك للسيادة، وقد كنت قبل تركب الحمار وترعى الغنم. وقوله : اربق أي اربط الغنم فى حبل يجمعها.


الصفحة التالية
Icon