معاني القرآن، ج ٢، ص : ١٩٥
و قوله :(أَ فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ [١٢٨] يبيّن لهم إذا نظروا (كَمْ أَهْلَكْنا) و(كم) فى موضع نصب لا يكون غيره. ومثله فى الكلام : أو لم يبيّن لك من يعمل خيرا يجز به، فجملة الكلام فيها معنى رفع. ومثله أن تقول : قد تبيّن لى أقام عبد اللّه أم زيد، فى الاستفهام معنى رفع. وكذلك قوله :
(سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) فيه شىء برفع (سَواءٌ عَلَيْكُمْ)، لا يظهر مع الاستفهام.
ولو قلت : سواء عليكم صمتكم ودعاؤكم تبيّن الرّفع الذي فى الجملة.
وقوله : يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) يعنى أهل مكّة. وكانوا يتّجرون ويسيرن فى مساكن عاد وثمود، فيمرون فيها. فالمشى لكفّار أهل مكّة (والمساكن «١») للمهلكين. فقال : أفلم يخافوا أن يقع بهم ما وقع بالذين رأوا مساكنهم وآثار عذابهم.
وقوله :(وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى [١٢٩] يريد : ولو لا كلمة وأجل مسمّى لكان لزاما (مقدّم «٢» ومؤخّر) وهو - فيما ذكروا - ما نزل «٣» بهم فى وقعة بدر من القتل.
وقوله : وَأَطْرافَ النَّهارِ [١٣٠] وإنما للنهار طرفان فقال المفسّرون :(وَ أَطْرافَ النَّهارِ) صلاة الفجر والظهر والعصر (وهو) «٤» وجه : أن تجعل الظهر والعصر من طرف النهار الآخر، ثم يضمّ إليهما الفجر فتكون أطرافا. ويكون لصلاتين فيجوز «٥» ذلك : أن يكونا طرفين فيخرجا مخرج الجماع، كما قال (إِنْ تَتُوبا «٦» إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) وهو أحبّ الوجهين إلىّ، لأنه قال (وَ أَقِمِ الصَّلاةَ «٧» طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) وتنصب لأطراف بالردّ على قبل طلوع الشمس وقبل
(٢) سقط فى ا.
(٣) ش :«وقعة بدر ما نزل بهم فى وقعة بدر» وهو جمع بين نسخين.
(٤) ا :«فهو».
(٥) ا :«و يجوز».
(٦) الآية ٥ سورة التحريم.
(٧) الآية ١١٤ سورة هود.