معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢١٧
(يعبد اللّه على حرف فإن أصابه خير اطمأنّ به) يقول : أقام عليه (وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ) «١» ورجع.
وقوله :(خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ) غبنهما. وذكر عن حميد الأعرج وحده أنه قرأ (خاسر الدنيا والآخرة) وكلّ صواب : والمعنى واحد.
وقوله : يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ [١٢] يعنى الأصنام.
ثم قال : يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ [١٣] فجاء التفسير : يدعو من ضرّه أقرب من نفعه. وقد حالت اللام بينهما. وكذلك هى فى قراءة عبد اللّه (يدعو من ضرّه) ولم نجد العرب تقول ضربت لأخاك ولا رأيت لزيدا أفضل منك. وقد اجتمعت القراء على ذلك. فترى أن جواز ذلك لأن (من) حرف لا يتبيّن فيه الاعراب، فأجيز «٢» ب : فاستجيز الاعتراض باللام دون الاسم إذ لم يتبيّن فيه الإعراب.
وذكر عن العرب أنهم قالوا : عندى لما غيره خير منه، فحالوا باللام دون الرافع. وموقع اللام كان ينبغى أن يكون فى (ضرّه) وفى قولك «٣» : عندى ما لغيره خير منه. فهذا وجه القراءة للاتّباع. وقد يكون قوله :(ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ يَدْعُوا) فتجعل (يَدْعُوا) من صلة (الضَّلالُ الْبَعِيدُ) وتضمر فى (يَدْعُوا) الهاء، ثم تستأنف الكلام باللام، فتقول لمن ضرّه أقرب من نفعه لبئس المولي) كقولك فى مذهب الجزاء لما فعلت لهو خير لك. وهو وجه قويّ فى العربيّة.
ووجه آخر لم يقرأ به. وذلك أن تكسر اللام فى (لمن) وتريد يدعو إلى من ١٢٠ ا ضرّه أقرب من نفعه، فتكون اللام بمنزلة إلى، كما قال (الْحَمْدُ «٤» لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) وإلى هذا وأنت قائل فى الكلام : دعوت إلى فلان ودعوت لفلان بمعنى واحد. ولو لا كراهية خلاف الآثار والاجتماع

(١) سقط فى ا
(٢) ا :«فاستجيز»
(٣) ا :«قوله»
(٤) الآية ٤٣ سورة الأعراف


الصفحة التالية
Icon