معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٤٧
يجعل (باللّه إنّه لمن الصّادقين) رافعة «١» للشهادة كما تقول : فشهادتى «٢» أن لا إله إلا اللّه، وشهادتى إن اللّه لواحد. وكلّ يمين فهى ترفع بجوابها، العرب تقول : حلف صادق لأقومنّ، وشهادة عبد اللّه لتقومنّ. وذلك أن الشهادة كالقول. فأنت تراه حسنا أن تقول : قولى لأقومنّ وقولى إنك لقائم «٣».
و(الخامسة) فى الآيتين مرفوعتان «٤» بما بعدهما من أنّ وأنّ. ولو نصبتهما على وقوع الفعل كان صوابا : كأنك قلت : وليشهد الخامسة بأنّ لعنة اللّه عليه. وكذلك فعلها «٥» يكون نصب الخامسة بإضمار «٦» تشهد الخامسة «٧» بأن غضبت اللّه عليها.
وقوله : وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ [١٠] متروك الجواب لأنه معلوم المعنى. وكذلك كلّ ما كان معلوم الجواب فإن العرب تكتفى بترك جوابه ألا ترى أن الرجل يشتم صاحبه فيقول المشتوم : أما واللّه لو لا أبوك، فيعلم أنه يريد لشتمتك، فمثل هذا يترك جوابه. وقد قال بعد ذلك فبيّن جوابه فقال (لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (وما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ) فذلك يبيّن لك المتروك.
وقوله : وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ [١١] اجتمع القراء على كسر الكاف. وقرأ حميد «٨» الأعرج، كبره بالضم. وهو وجه جيّد فى النحو لأن العرب تقول : فلان تولّى عظم كذا وكذا يريدون أكثره.
وقوله : إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ [١٥] كان الرجل يلقى الآخر فيقول : أما بلغك كذا كذا

(١) أي خبر عنها. ومذهب الكوفيين أن المبتدأ والخبر يترافعان.
(٢) أ: «شهادتى».
(٣) أ: «قائم».
(٤) أنفق فى القراءة على رفع الأولى. أما الأخيرة فقد نصبها حفص.
(٥) أ، ش، ب :«فعله» والمناسب ما أثبت. [.....]
(٦) ش، ب :«فى تشهد».
(٧) ش :«فى الخامسة».
(٨) وهى أيضا قراءة يعقوب وسفيان الثوري.


الصفحة التالية
Icon