معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٤٨
فيذكر قصة عائشة لتشيع الفاحشة. وفى قراءة عبد اللّه (إذ تتلقّونه) وقرأت عائشة (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ) وهو الولق أي تردّدونه. والولق فى السّير والولق فى الكذب بمنزلته إذا استمرّ فى السّير والكذب فقد ولق. وقال الشاعر «١» :
إن الجليد زلق وزمّلق جاءت به عنس من الشام تلق
مجوّع البطن كلابىّ الخلق ويقال فى الولق من الكذب : هو الألق والإلق! وفعلت منه : ألقت وأنتم تألقونه. وأنشدنى بعضهم :
من لى بالمزرّر اليلامق صاحب إدهان وألق آلق «٢»
و قوله : وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ [٢٢] والائتلاء : الحلف. وقرأ بعض «٣» أهل المدينة (ولا يتالّ أولو الفضل) وهى مخالفة للكتاب، من تألّيت. وذلك أن أبا بكر حلف ألّا ينفق على مسطح بن أثاثة وقرابته الذين ذكروا عائشة. وكانوا ذوى جهد «٤» فأنزل اللّه (أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) فقال أبو بكر : بلى يا ربّ. فأعادهم إلى نفقته.
وقوله : يَوْمَ تَشْهَدُ [٢٤] القراء على التاء (يَوْمَ تَشْهَدُ) وقرأ يحيى «٥» بن وثّاب وأصحاب عبد اللّه (يشهد) التاء لتأنيث الألسنة والياء لتذكير اللسان، ولأن الفعل «٦» إذا تقدم كان كأنه لواحد الجمع.
وقوله : الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ [٢٦] الخبيثات من الكلام للخبيثين من الرجال. أي ذلك من فعلهم وممّا «٧» يليق بهم. وكذلك قوله (وَ الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ) الطّيّبات من الكلام للطّيّبين من الرجال.

(١) هو الشماخ. يقوله فى هجو جليد الكلابي على ما فى اللسان فى (ولق). ونسب فيه فى (زلق) إلى القلاخ ابن حزن المنقري. والزملق : الذي ينزل قبل أن يجامع. والزملق : الخفيف الطائش. والعنس : الناقة الصلبة. وفى ش، ب :«عيس» وهى الإبل البيض.
(٢) اليلامق جمع اليلمق. وهو القباء المحشو. والإدهان : الغش والخداع.
(٣) هو أبو جعفر وافقه الحسن. وهى قراءة ابن عياش بن ربيعة وزيد بن أسلم.
(٤) الجهد : كثرة العيال والفقر.
(٥) وهى قراءة حمزة والكسائي وخلف.
(٦) أي الذي هو واحد الألسنة فروعى فى فعل الألسنة مفردها. وقوله :«و لأن الفعل» فكان الأصل سقوط الواو ليكون تعليلا لما قبله.
(٧) أ: «ما».


الصفحة التالية
Icon