معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٦٠
و قوله : لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ [٥٨] يعنى الرجال والنساء. ثم قال (وَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ) الصبيان (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) ثم فسرهنّ فقال (مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) عند النوم. ثم قال (ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ) فنصبها عاصم «١» والأعمش، ورفع غيرهما. والرفع فى العربيّة أحبّ إلىّ. وكذلك أقرأ. والكسائي يقرأ بالنصب لأنه قد فسرها فى المرات وفيما بعدها فكرهت أن تكرّ ثالثة «٢» واخترت الرفع لأنّ المعنى - واللّه أعلم - هذه الخصال وقت العورات ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهنّ. فمعها ضمير يرفع الثلاث. كأنك قلت : هذه ثلاث خصال كما قال (سُورَةٌ «٣» أَنْزَلْناها) أي هذه سورة، وكما قال (لَمْ يَلْبَثُوا «٤» إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ).
وأمّا قوله (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) فإنه أيضا مستأنف كقولك فى الكلام : إنما هم خدمكم، وطوّافون عليكم. ولو كان نصبا لكان صوابا تخرجه «٥» من (عليهم) لأنها معرفةو (طَوَّافُونَ) نكرة ونصبه «٦» كما قال (مَلْعُونِينَ «٧» أَيْنَما ثُقِفُوا) فنصب لأن فى الآية قبلها ذكرهم «٨» معرفة، و(مَلْعُونِينَ) نكرة.
وقوله : وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [٥٩] يقول :
لا يدخلنّ عليكم فى هذه الساعات إلا بإذن ولا فى غير هذه السّاعات إلّا بإذن. وقوله (كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يريد الأحرار.
(٢) ش :«ثلاثة».
(٣) أول سورة النور.
(٤) الآية ٣٥ سورة الأحقاف.
(٥) أي يكون حالا.
(٦) سقط في ا.
(٧) الآية ٦١ سورة الأحزاب.
(٨) أي ذكر أصحاب الحال فى قوله :«لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك».