معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٧٦
(إن فيها كان صوابا.) ومثله قول اللّه (وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ «١» شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ) و(إن صدّوكم). وقوله (من الشهداء «٢» أن تضلّ) و(إن تضلّ) وكذلك (أ فنضرب «٣» عنكم الذكر صفحا إن كنتم) و(أن كنتم) وجهان جيّدان.
وقوله : إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً [٤] ثم قال (فظلّت) ولم يقل (فتظللّ) كما قال (ننزل) وذلك صواب : أن تعطف على مجزوم الجزاء بفعل لأنّ الجزاء يصلح فى موضع فعل يفعل، وفى موضع يفعل فعل، ألا ترى أنك تقول : إن زرتنى زرتك وإن تزرنى أزرك والمعنى واحد. فلذلك صلح قوله (فَظَلَّتْ) مردودة على يفعل، وكذلك قوله (تَبارَكَ «٤» الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ) ثم قال (وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) فردّ يفعل على فعل وهو بمنزلة ردّه (فظلّت) على (ننزّل) وكذلك جواب الجزاء يلقى يفعل بفعل، وفعل بيفعل كقولك :(إن قمت أقم، وإن تقم قمت. وأحسن الكلام أن تجعل جواب يفعل بمثلها، وفعل بمثلها كقولك : إن تتجر تربح، أحسن من أن تقول : إن تتجر ربحت. وكذلك إن تجرت ربجت أحسن من أن تقول : إن تجرت تربح. وهما جائزان. قال اللّه (مَنْ كانَ «٥» يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ) فقال (نُوَفِّ) وهى جواب لكان. وقال الشاعر «٦» :
إن يسمعوا سبّة طاروا بها فرحا منى وما يسمعوا من صالح دفنوا
فردّ الجواب بفعل وقبله يفعل قال الفراء «٧» : إن يسمعوا سبّة على مثال غيّة).
وقوله : فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ [٤] والفعل للأعناق فيقول القائل : كيف لم يقل :

(١) الآية ٢ سورة المائدة.
(٢) الآية ٢٨٢ سورة البقرة.
(٣) الآية ٥ سورة الزخرف.
(٤) الآية ١٠ سورة الفرقان.
(٥) الآية ١٥ سورة هود.
(٦) هو قعنب بن أم صاحب. وقوله :«سبة» فى ش «سيئة» مخفف سيئة.
(٧) سقط ما بين القوسين في ش وسية مخفف سيئة.


الصفحة التالية
Icon