معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٧٩
قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثنى موسى الأنصاري عن السّرىّ بن إسماعيل عن الشّعبىّ أنه قرأ (وفعلت فعلتك) بكسر الفاء ولم يقرأ بها غيره.
وقوله :(وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) وأنت الآن من الكافرين لنعمتى أي لتربيتى إياك وهى فى قراءة عبد اللّه (قال فعلتها إذا وأنا من الجاهلين) والضالّين «١» والجاهلين «٢» يكونان بمعنى واحد لأنّك تقول : جهلت الطريق وضللته. قال الفراء : إذا ضاع منك الشيء فقد أضللته.
وقوله : فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً [٢١] التوراة.
وقوله : وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ [٢٢] يقول : هى - لعمرى - نعمة إذ ربّيتنى ولم تستعبدنى كاستعبادك بنى إسرائيل. فأن تدلّ على ذلك. ومثله فى الكلام أن تترك أحد عبديك أن تضربه وتضرب الآخر، فيقول المتروك هذه نعمة علىّ أن ضربت فلانا وتركتنى. ثم يحذف (وتركتنى) والمعنى قائم معروف. والعرب تقول : عبّدت العبيد وأعبدتهم.
أنشدنى بعض العرب :
علام يعبدنى قومى وقد كثرت فيهم أبا عرما شاءوا وعبدان «٣»
و قد تكون (أن) رفعا ونصبا. أمّا الرفع فعلى قولك وتلك نعمة تمنّها علىّ : تعبيدك بنى إسرائيل والنصب : تمنّها علىّ لتعبيدك بنى إسرائيل.
ويقول القائل : أين جواب قوله :(قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ) [٢٥] فيقال : إنه إنما أراد بقوله :(أَ لا تَسْتَمِعُونَ) إلى قول موسى. فردّ موسى لأنه المراد بالجواب فقال : الذي أدعوكم إلى عبادته (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ)
[٢٦] وكذلك قوله :(قال ربّ المشرق والمغرب)
[٢٨] يقول : أدعوكم إلى عبادة ربّ المشرق والمغرب وما بينهما.
(٢) كذا. وقد راعى الحكاية. ولو لا هذا لقال :«الضالون والجاهلون»
(٣) نسب فى اللسان (عبد) إلى الفرزدق.