معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٨٩
عجبت لها أنّى يكون غناؤها رفيعا ولم تفتح بمنطقها فما
فجعله الشاعر «١» كالكلام لمّا ذهب به إلى أنها تبكى.
وقوله : وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ [١٧] كانت هذه الأصناف مع سليمان إذا ركب (فَهُمْ يُوزَعُونَ) يردّ أوّلهم على آخرهم حتّى يجتمعوا. وهى من وزعت الرجل، تقول : لأزعنّكم عن الظلم فهذا من ذلك.
وأمّا قوله : أَوْزِعْنِي [١٩] فمعناه : ألهمنى.
وقوله : فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ [٢٢] قرأها الناس بالضمّ، وقرأها عاصم بالفتح : فمكث. وهى فى قراءة عبد اللّه (فتمكّث) ومعنى (غَيْرَ بَعِيدٍ) غير طويل من الإقامة. والبعيد والطويل متقاربان.
وقوله (فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ) قال بعض العرب : أحطّ فأدخل الطاء مكان التّاء. والعرب إذا لقيت الطاء التاء فسكنت الطاء قبلها صيّروا الطاء تاء، فيقولون : أحتّ، كما يحوّلون الظاء تاء فى قوله (أ وعتّ «٢» أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ) والذال والدال تاء مثل (أختّم) «٣» ورأيتها فى بعض مصاحف عبد اللّه (وأختّم) ومن العرب من يحول التاء إذا كانت بعد الطاء طاء فيقول : أحط.
وقوله (وَ جِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) القراء على إجراء (سبأ) لأنه - فيما ذكروا - رجل وكذلك فأجره إن كان اسما لجبل. ولم يجره أبو عمرو بن العلاء. وزعم الرؤاسيّ أنه سأل أبا عمرو عنه فقال : لست أدرى ما هو. وقد ذهب مذهبا إذ لم يدر ما هو لأنّ العرب إذا سمّت بالاسم المجهول تركوا إجراءه كما قال الأعشى :

(١) هو حميد بن ثور. وهو فى الحديث عن حمامة تغرد وفى ديوانه ٢٧ :«فصيحا» فى مكان «رفيعا».
(٢) فى الآية ١٣٦ سورة الشعراء. وهى فى المصحف :«أ وعظت...».
(٣) فى الآية ٨١ سورة آل عمران. وهى فى المصحف :«و أخذتم».


الصفحة التالية
Icon