معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٩٣
و قوله : إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ [٣٥] وهى تعنى سليمان كقوله (عَلى خَوْفٍ «١» مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ) وقالت (بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) وكان رسولها - فيما ذكروا - امرأة «٢» واحدة فجمعت وإنما هو رسول، لذلك قال (فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ) يريد : فلما جاء الرسول سليمان، وهى فى قراءة عبد اللّه (فلما جاءوا سليمان) لما قال (الْمُرْسَلُونَ) صلح (جاءوا) وصلح (جاء) لأن المرسل كان واحدا.
يدلّ على ذلك قول سليمان (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ).
وقوله : لا قِبَلَ لَهُمْ بِها [٣٧] وهى فى مصحف عبد اللّه (لهم بهم) وهو سواء.
وقوله : أتمدّوننى بمال [٣٦] هى فى قراءة عبد اللّه «٣» بنونين وباء مثبتة. وقرأها حمزة.
(أ تمدّونّى بمال) يريد قراءة عبد اللّه فأدغم النون فى النون فشدّدها. وقرأ عاصم بن أبى النّجود (أَ تُمِدُّونَنِ بِمالٍ) بنونين بغير ياء. وكلّ صواب.
وقوله :(فما آتان اللّه) ولم يقل «٤» (فَما آتانِيَ اللَّهُ) لأنها محذوفة الياء من الكتاب. فمن كان ممّن يستجيز الزيادة فى القرآن من الياء والواو اللاتي يحذفن مثل قوله (وَ يَدْعُ الْإِنْسانُ «٥» بِالشَّرِّ) فيثبت الواو وليست فى المصحف، أو يقول المنادى للمناد «٦» جاز له أن يقول فى (أَ تُمِدُّونَنِ) بإثبات الياء، وجاز له أن يحرّكها إلى ١٣٧ ا النصب كما قيل (وَ ما لِيَ «٧» لا أَعْبُدُ) فكذلك يجوز (فَما آتانِيَ اللَّهُ) ولست أشتهى ذلك ولا آخذ به. اتّباع المصحف إذا وجدت له وجها من كلام العرب وقراءة القرّاء أحبّ إلىّ من خلافه. وقد كان أبو عمرو يقرأ (إنّ هذين «٨» لساحران) ولست

(١) الآية ٨٣ سورة يونس.
(٢) كذا. وفى الطبري :«امرأ واحدا» وهو ظاهر القرآن. ويمكن أن يطلق الرسول على الأنثى باعتبار أنه فى الأصل بمعنى الرسالة ويطلق على حاملها من ذكر أو أنثى.
(٣) وهى قراءة نافع وأبى عمرو وأبى جعفر.
(٤) قرأ بإثبات الياء مفتوحة نافع وأبو عمرو وأبو جعفر وحفص.
(٥) الآية ١١ سورة الاسراء.
(٦) فى الآية ٤١ سورة ق.
(٧) الآية ٢٢ سورة يس.
(٨) الآية ٦٣ سورة طه.


الصفحة التالية
Icon