معاني القرآن، ج ٢، ص : ٢٩٥
(أَ هكَذا عَرْشُكِ) فعرفت وأنكرت. فلم تقل، هو هو، ولا ليس به. فقالت (كَأَنَّهُ هُوَ) ثم رفعت ثوبها عن ساقيها، وظنّت أنها تسلك لجّة، واللّجّة : الماء الكثير. فنظر إلى أحسن ساقين ورجلين : وفى قراءة عبد اللّه (وكشفت «١» عن رجليها).
وقوله : وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ [٤٣] يقول : هى عاقلة وإنما صدها عن عبادة اللّه عبادة الشمس والقمر. وكان عادة من دين آبائها، معنى الكلام : صدّها من أن تعبد اللّه ما كانت تعبد أي عبادتها الشمس والقمر. و(ما) فى موضع رفع. وقد قبل :(إن صدّها) منعها سليمان ما كانت تعبد. موضع (ما) نصب لأن الفعل لسليمان. وقال بعضهم : الفعل للّه تعالى : صدّها اللّه ما كانت تعبد.
وقوله :(إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ) كسرت الألف على الاستئناف. ولو قرأ قارئ (أنّها) يردّه «٢» على موضع (ما) فى رفعه : صدّها عن عبادة اللّه أنّها كانت من قوم كافرين. وهو كقولك : منعنى من زيارتك ما كنت فيه من الشغل : أنّى كنت أغدو وأروح. فأنّ مفسّرة لمعنى ما كنت فيه من الشغل.
وقوله : فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ [٤٥] ومعنى (يَخْتَصِمُونَ) مختلفون «٣» : مؤمن ومكذّب.
وقوله : قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ [٤٧] يقول : فى اللوح المحفوظ عند اللّه. تشاءمون بي وتطيّرون بي، وذلك كلّه من عند اللّه. وهو بمنزلة قوله (قالُوا طائِرُكُمْ «٤» مَعَكُمْ) أي لازم لكم ما كان من خير أو شرّ فهو فى رقابكم لازم. وقد بيّنه اللّه فى قوله (وَ كُلَّ إِنسانٍ «٥» أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ).

(١) وهى قراءة شاذة. وقراءة الناس :«و كشفت عن ساقيها»
(٢) أي يكون بدلا أو بيانا من (ما كانت تعبد).
(٣) فى الطبري :«يختلفون».
(٤) الآية ١٩ سورة يس.
(٥) الآية ١٣ سورة الإسراء.


الصفحة التالية
Icon