معاني القرآن، ج ٢، ص : ٣٠٩
و قوله :(لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا) معناه : خربت من بعدهم فلم يعمر منها إلّا القليل، وسائرها خراب. وأنت ترى اللفظ كأنها سكنت قليلا ثم تركت، والمعنى على ما أنبأتك به مثله :
ما أعطيتك دراهمك إلّا قليلا، إنما تريد : إلّا قليلا منها.
وقوله :(حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها) [٥٩] أمّ القرى مكّة. وإنما سمّيت أمّ القرى لأن الأرض - فيما ذكروا - دحيت من تحتها.
وقوله : فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ «١» [٦٦] يقول القائل : قال اللّه (وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) كيف قال هنا :(فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) فإن التفسير يقول : عميت عليهم الحجج يومئذ فسكتوا فذلك قوله (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) فى تلك السّاعة، وهم لا يتكلّمون.
قوله : فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ [٦٧] وكلّ شىء فى القرآن من (عسى) فذكر لنا أنها واجبة.
وقوله : ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ [٦٨] يقال «٢» الخيرة والخيرة والطّيرة والطّيرة. والعرب تقول :
أعطنى الخيرة منهن والخيرة منهن والخيرة وكلّ ذلك الشيء المختار من رجل أو امرأة أو بهيمة، يصلح إحدى هؤلاء الثلاث فيه.
وقوله : إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً [٧١] دائما لانهار معه. ويقولون : تركته سرمدا سمدا، إتباع.
وقوله : جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ [٧٣]. إن شئت جعلت الهاء راجعة على الليل خاصّة وأضمرت للابتغاء هاء أخرى تكون للنهار، فذلك جائز. وإن شئت جعلت الليل والنهار كالفعلين لأنهما ظلمة وضوء، فرجعت الهاء فى (فيه) عليهما جميعا، كما تقول :

(١) الآية ٢٧ سورة الصافات، والآية ٢٥ سورة الطور
(٢) فى اللسان فى نقل عبارة الفراء. قبل هذا الكلام :«أي ليس لهم أن يختاروا على اللّه» وكان هذا من نسخة غير ما وقع لنا.


الصفحة التالية
Icon